وإلى هذا البيان أشار صاحب الكفاية في أواخر كلامه (١).

وقد استشكل على نفسه : بان مقدمات الحكمة انما تجري في المفاهيم لكونها قابلة للسعة والضيق الّذي يرجع إليه الإطلاق والتقييد لا الأشخاص ، لأنها غير قابلة للإطلاق والتقييد ، فإذا دار الأمر بين أحد فردين خارجا كان من دوران الأمر بين المتباينين ، والحال في الإرادة كذلك ، فان الإرادة الموجودة في نفس المولى أمر شخصي يدور أمره بين أحد نحوين ، فيكون من دوران الأمر بين المتباينين ، وليس اللفظ يقصد منه بيان مفهوم الإرادة كي يقبل الإطلاق والتقييد.

والتفصي عن هذا الإشكال : بان الفرد الخارجي وان كان بحسب مفهومه غير قابل للإطلاق والتقييد ، لكنه من حيث الأحوال قابل لهما ، والشدة والضعف من أحوال الإرادة الطارئة عليها ، فيمكن لحاظ الإطلاق والتقييد من حيث الأحوال.

ممنوع : لأن الشدة والضعف في الإرادة من لوازم وجودها وليسا من الأحوال الطارئة عليها بعد وجودها. فهي توجد إما شديدة أو ضعيفة ، والمفروض هو تعيين أحد النحوين في الفرد بالإطلاق ، لا إثبات إرادة صرف الفرد بلا لحاظ شدته وضعفه.

وانما الصحيح ان يجاب بما حررناه في محله ، من جريان مقدمات الحكمة في تعيين أحد الفردين ، إذا دار الأمر بينهما وكان أحدهما يحتاج في بيانه إلى مئونة زائدة على اللفظ الموضوع للطبيعي ، فانه بالإطلاق يثبت إرادة الفرد الآخر ، كما هو الحال فيما نحن فيه. هذا محصل كلامه.

وفيه أولا : انه يبتني على الالتزام بجريان مقدمات الحكمة في الأشخاص

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٧٢ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۵۲۸۱