والحرف ، فيمتنع ان توضع الهيئة إلى مفهوم الطلب كلفظ الطلب ، لأن الهيئة من الحروف.
ولكنه ليس بإيراد خاص بهذه الدعوى ، بل هو راجع إلى أصل المبنى ، فالهيئة والطلب كـ : « من والابتداء » و « في والظرفية ».
وعلى كل ، فما ذكره في معنى الصيغة لا يمكن الالتزام به لما عرفت من ان معنى الحروف ليس من سنخ المفاهيم ، فيمتنع الالتزام بان الصيغة موضوعة لمفهوم الطلب. فلاحظ.
وقد ادعي : انها موضوعة لإبراز الاعتبار النفسانيّ (١).
وتحقيق الحال فيه يقتضى التكلم في جهتين :
الجهة الأولى : في ان المعتبر ومتعلق الجعل هل هو كون الفعل في عهدة المكلف ، أو انه البعث نحو الفعل؟. وبعبارة أخرى : ان الأمر هل هو جعل الفعل في عهدة المكلف الّذي يرجع ثبوته إلى اشتغال ذمة المكلف بالفعل ، أو انه جعل الباعث نحو العمل والمحرك إليه؟. ويترتب على تحقيق أحد الاحتمالين آثار عملية في الأصول جمّة تظهر بوضوح في باب التزاحم والعلم الإجمالي ، فان التكليف إذا كان من باب اشتغال الذّمّة لا يعتبر فيه القدرة على العمل ، لعدم توقفه عليه ، بل يكون كالدين الّذي في الذّمّة مع عدم القدرة على الأداء ، بخلاف ما إذا كان جعل الباعث ، فان الباعثية والمحركية تتوقفان على القدرة لتوقف الانبعاث عليها.
كما انه بناء على الأول لا يعتبر في تنجز العلم الإجمالي كون جميع أطرافه محل الابتلاء ، لعدم اعتبار كون الشيء في موضع الابتلاء في صحة التكليف به ، بناء على انه من باب اشتغال الذّمّة بالفعل. بخلاف ما لو كان جعل الباعث
__________________
(١) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ٢ ـ ١٣٠ ـ الطبعة الأولى.