الإنشاء كما عرفت غير قابل للإنشاء والإيجاد مرة أخرى. وعليه فلا تصلح الصيغة لإنشاء معناها كما ذكره ، لأن معناها هو الإنشاء وهو غير قابل للإيجاد. ومن هنا حاول البعض تصحيح كلامه بحمله على إرادة كون الموضوع له والمستعمل فيه هو الطلب الإنشائي لا إنشاء الطلب ، كما وجهت عبارة الشيخ الدالة على ان البيع هو إنشاء التمليك بإرادة التمليك الإنشائي ، كما أشرنا إليه. ولكنك قد عرفت عدم ارتفاع الإشكال ، فان الطلب الإنشائي معناه هو الطلب الموجود بوجود إنشائي ، فلا يقبل الإنشاء ثانيا لامتناع إيجاد الموجود. وعليه فلا تصلح الصيغة لإيجاد معناها لأنه غير قابل للإيجاد ، إذ هو الطلب الإنشائي.
فالأولى ان يقال في توجيه عبارته قدسسره : ان الموضوع له والمستعمل فيه هو الطلب ، لكن قيد الوضع ـ بمعنى العلقة الوضعيّة ـ بان تستعمل في مقام الإنشاء والإيجاد ، فان الطلب تارة يقصد الأخبار عنه. وأخرى يقصد إيجاده وإنشاؤه. فصيغة افعل وضعت لنفس الطلب لكن بقيد استعمالها في مقام الإنشاء والإيجاد ، بحيث لا يجوز أن تستعمل في الاخبار عن الطلب ، ولذلك لا تدل عليه بوجه. فاللام في قوله : « لإنشاء » لم يقصد بها لام الإضافة بل لام الغاية ، فمراده انها موضوعة للطلب لأجل إنشائه بتقييد الوضع بذلك. وإذا كانت موضوعة لمفهوم الطلب صح استعمالها فيه بقصد إيجاده ، ويتحقق الطلب فيها بتحقق إنشائي كغيره من المفاهيم المنشأة.
وعليه ، فلا إشكال في كلامه من هذه الجهة. انما الإشكال في أصل دعواه الوضع لمفهوم الطلب المبتني على دعواه في مبحث الحروف بعدم الفرق الذاتي بين المعنى الاسمي والمعنى الحرفي ، وان كلا من الحرف والاسم موضوع لمعنى واحد ، والفرق في جهة خارجة عن الموضوع له ، وهي اختصاص الاسم باللحاظ الاستقلالي ، والحرف باللحاظ الآلي.
فانك قد عرفت فيما تقدم وجود الفرق الذاتي الجوهري بين معنى الاسم