ولكن هناك قولا آخر في التركيب لا يرجع إلى أخذ الذات في مفهوم المشتق ، بل إلى أخذ خصوص النسبة ، فمفهوم المشتق مركب من النسبة والمبدأ.
وقد أورد على هذا : بوجود موارد يصدق فيها المشتق بلا لحاظ النسبة فيها ، فانه يقال للبياض : انه أبيض ، قبل ملاحظة انه من الاعراض المتقومة بالغير أو المتقومة بذاتها ، بل بملاحظته ذاته. ومن هنا ادعي : أن مفهوم المشتق بسيط وان مفهومه نفس المبدأ ، فمفهوم قائم عين القيام وأبيض عين البياض ، إلا انهما يختلفان اعتبارا ولحاظا ، فقد لوحظ المبدأ في المصدر بما انه موجود مغاير للذات ومباين لها ، ولذلك لم يحمل عليها ، ولوحظ في المشتق بما انه من أحوال الذات وأطوارها وعوارضها ، فصار له مع الذات نحو اتحاد فصح حمله عليها.
وبالجملة : لا فرق بين قائم والقيام ونحوها إلا بالاعتبار ، فانهما بحسب المعنى متحدان ، واختلافهما اعتباري وهو الّذي أوجب صحة حمل أحدهما على الذات دون الآخر ، فان المصدر ملحوظ بشرط لا والمشتق ملحوظ لا بشرط الحمل.
وأورد عليه صاحب الفصول : بان ذات المعنى إذا كانت مغايرة للذات وجودا ومفهوما ومباينة لها لم يفد لحاظها من عوارض الذات وأوصافه وأطواره في تصحيح حمله عليها بالحمل الشائع ، إذ هذا اللحاظ لا يرفع المغايرة الذاتيّة بين الوجودين ولا يوجب وحدتهما في الوجود ، وهذا يدل على ان للمشتق سنخ معنى غير المبدأ متحد مع الذات في نفسه دون المصدر ، كما لا يخفى (١).
وقد حمل صاحب الكفاية كلام أهل المعقول ودعواهم بان المشتق مأخوذ لا بشرط والمصدر مأخوذ بشرط لا ، على تغاير مفهوميهما سنخا ، وان مفهوم
__________________
(١) الطهراني الحائري الشيخ محمد حسين. الفصول الغروية ـ ٦٢ ـ الطبعة الأولى.