وتنظر فيما ذكره صاحب الكفاية : بأن الانقلاب المدعى لا يثبت بما ذكر ، إذ المناط في الجهات ومواد القضايا انما هو ملاحظة نسبة المحمول إلى الموضوع بحسب ذاته بلا لحاظ الواقع وثبوتها له واقعا وعدم ثبوتها له ، بل لحاظ ثبوت النسبة واقعا للموضوع يوجب صدق الضرورة في جميع القضايا ، لأن القضية بشرط المحمول تكون ضرورية لا محالة. وما ذكره صاحب الفصول انما هو من باب الضرورة بشرط المحمول ، وهو أجنبي عن موضوع الكلام ، كما عرفت (١).

ثم ان صاحب الكفاية قدس‌سره قد استشكل الشق الأول من استدلال المحقق الشريف ـ أعني لزوم دخول العرض العام في الفصل ـ : بان الناطق ونحوه مما يعد فصلا ليس فصلا في الحقيقة ، فان معرفة الفصل الحقيقي تكاد تخفي على كل أحد ، كما قرر ذلك ، ولا يعرفها سوى علام الغيوب ، وانما هو ونظائره من الآثار واللوازم الخاصة للفصل الحقيقي فتعرف بها الذات. وعليه ، فأخذ مفهوم الذات أو الشيء في مفهومه لا يستلزم سوى دخول العرض العام في الخاصة ولا محذور فيه ، إذ لا يلزم منه دخول العرضي في الذاتي (٢). ولم يناقش قدس‌سره في الشق الثاني من الدليل ، ولكن المناقشة في الشق الأول كافية في إبطال الدليل ، إذ يمكن اختياره دون الشق الثاني.

ولكنه رحمه‌الله ذكر بعد كل هذا دليلا آخر على البساطة ونفى التركيب ، وهو : عدم تكرار الموصوف في مثل : « زيد كاتب » فان : « كاتب » لو كان مركبا من الذات والنسبة والمبدأ لزم تعدد الموصوف مع أنه واحد ضرورة (٣).

والّذي يتحصل : ان الدليل على نفي التركيب بأخذ الذات في مفهوم المشتق عند صاحب الكفاية انما هو عدم تعدد الموصوف وتكراره.

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٥٣ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

(٢) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٥٢ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

(٣) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٥٤ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۵۲۸۱