نقل الآيات بهذه المعاني بأسمائها الشرعية وبحكمها في الشريعة ، ثم كان يذكر الآية استشهادا وبيانا لحكمه. وهذا لا يدل على كون هذه الألفاظ موضوعة لهذه المعاني سابقا ، فتأمل.
والمتحصل : هو ان دعوى الوضع التعييني بالاستعمال غير بعيدة ، ولو تنزل عنه فدعوى الوضع التعيني لا تخلو من وجاهة.
لكن الإنصاف انه لا طريق لدينا لإحراز الوضع التعيني الاستعمالي ، بحيث يحرز به انه قصد الوضع في أول استعمال ، إذ لا طريق لإحراز التبادر في الاستعمال الأول.
ثم انه قد ذكر لهذا المبحث ثمرة : وهي انه مع الشك في إرادة المعنى الشرعي أو غيره من اللفظ الوارد في كلام الشارع بلا قرينة تعين أحد المعنيين. يحمل اللفظ على المعنى الشرعي بناء على ثبوت الحقيقة الشرعية ، وعلى المعنى اللغوي بناء على عدم ثبوتها لأصالة الحقيقة.
لكن الظاهر انه لا مورد لهذه الثمرة ـ كما أفاد ذلك المحقق النائيني ـ (١) ، فان جميع الاستعمالات الواردة في كلام الشارع ممّا يعلم بمراد الشارع فيها ، وليس هناك مورد يشك فيه في مراده كي تصل النوبة إلى ما ذكر. وبعبارة أخرى : ان الكبرى وان كانت ثابتة إلاّ ان تحقق الصغرى غير ثابت ، لعدم الشك في مورد ما وظاهر ان ذلك ينفي كون الكبرى ثمرة عملية.
وعليه ، فمبحث الحقيقة الشرعية مبحث علمي صرف ليس بذي ثمرة وأثر عملي.
ثم ان صاحب الكفاية ذكر امرا آخر : وهو ان الثمرة المزبورة انما تتم في مورد العلم بتاريخ الوضع وتأخر الاستعمال عنه. واما مع الجهل بتاريخهما ، فلا أثر. إذ غاية ما يمكن ان يذكر في إثبات تأخر الاستعمال وجهان :
__________________
(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٣٣ ـ الطبعة الأولى.