واسطة في البين ، بإرجاع « بنفسه » إلى الدلالة لا اللفظ.
وأخرى : يراد دلالته بذاته ومستقلا على المعنى بلا اشتراك لغيره معه ، بإرجاع القيد إلى اللفظ الدال ، والمعنى الأول من خصائص الوضع ولوازمه ، إذ دلالة اللفظ على المعنى المجازي بمعونة القرينة ، والمعنى الثاني مشترك بين الوضع وغيره فهو لازم أعم للوضع. والمراد في تقريب إنشاء الوضع بالاستعمال هو الأول ، فان الغرض بالاستعمال المقصود إنشاء الوضع به ، جعل اللفظ دالا بنفسه وبلا قرينة على المعنى ، وهو من لوازم الوضع ، والإيراد المزبور يبتني على الخلط بين المعنيين واشتباه المراد منهما وتخيل انه الثاني. فلاحظ.
وأورد على الركن الثاني ـ بما هو منسوب إلى ولده (١) ـ : من ان ثبوت هذه المعاني في الشرائع السابقة لا يكفي في ثبوت كون هذه الألفاظ فيها حقائق لغوية ، إذ ثبوت المعاني سابقا لا يستلزم وضع هذه الألفاظ المخصوصة لها ، ونقل القرآن ليس بدليل على تحقق وضعها لها ، إذ يمكن ان يكون نقلا بالترجمة وبذكر المرادف لما كان موضوعا سابقا لهذه المعاني من الألفاظ ، كما هو شأنه في نقل المحاورات الكلامية باللغة العربية ، إذ يعلم بان التفاهم لم يكن سابقا باللغة العربية (٢).
والإيراد على هذا : بان الظاهر ان النبي صلىاللهعليهوآله حين كان يلقي هذه الألفاظ بالآيات ، كان العرب يفهمون منها معانيها الشرعية ، ولم يكونوا يرونها غريبة عن أذهانهم ، ولو لم تكن معلومة الوضع لديهم ، لم يكادوا يفهمون معانيها منها ولرأوها غريبة عن أذهانهم.
مندفع : بأنه من جهة ان النبي صلىاللهعليهوآله كان قد أعلمهم قبل
__________________
(١) ولد صاحب الكفاية.
(٢) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ١ ـ ٣٣ ( في الهامش ) ـ الطبعة المحشاة بحاشية المشكيني (ره).