فان الأسماء توجب خطور معانيها في الذهن وتحكي عن الخارج حكاية الكلي عن فرده ومصداقه وما ينطبق عليه. بخلاف الحروف ، فان دلالتها على النسبة الخارجية بواسطة النسبة الذهنية من باب دلالة الفرد عن الفرد المماثل له ، فللحرف مدلول بالعرض إلاّ انه بهذه الكيفية من الدلالة لا بكيفية دلالة الأسماء.
والمتحصل : عدم نهوض أي إيراد من هذه الإيرادات.
القول الثاني : ما اختاره المحقق الأصفهاني رحمهالله ، ومحصله : ان المعنى الحرفي والاسمي متفاوتان ومختلفان بحسب ذاتيهما وحقيقتهما ، والفرق بينهما كالفرق بين الوجود في نفسه والوجود لا في نفسه ، أعني الوجود الرابط في قبال الوجود المحمولي.
وبيان ذلك : ان الفلاسفة ـ كما قيل ـ قسموا الوجود إلى أقسام أربعة :
الأول : الوجود في نفسه ولنفسه وبنفسه وهو وجود الواجب تعالى شأنه ، فانه موجود قائم بذاته وليس معلولا لغيره.
الثاني : الوجود في نفسه ولنفسه ولكن بغيره وهو وجود الجوهر ، فانه قائم بذاته ولكنه معلول لغيره.
الثالث : الوجود في نفسه ولكن لغيره وهو وجود العرض ، فانه غير قائم بذاته بل متقوم بموضوع في الخارج ، فلا يعقل وجود عرض بدون موضوع متحقق في الخارج. ويعبر عن هذا القسم في الاصطلاح بالوجود الرابطي.
الرابع : الوجود لا في نفسه وهو المعبر عنه بالوجود الرابط في قبال الوجود الرابطي ، وهو وجود النسبة والربط ، فان حقيقة النسبة لا توجد في الخارج إلاّ بتبع وجود المنتسبين بلا استقلال لها أصلا. فهي بذاتها متقومة بالطرفين لا في وجودها. بخلاف العرض فانه بذاته غير متقوم بموضوعه ، وانما ذلك ـ أعني التقوم بموضوع ـ من لوازم وجوده وضرورياته.
وقد استدل بتحقق الوجود الرابط خارجا ، بأنا قد نتيقن بوجود الجوهر