التعليمية « الرياضيات » وأما سائر العلوم فهي من الفنون والصناعات. إذ العلم البرهاني لديهم هو اليقين بثبوت المحمول للموضوع الحاصل على أساس الضرورة واستحالة الانفكاك لا الصدفة ، وذلك لا يكون إلا في ما إذا كان المحمول ضروري الثبوت لموضوعه أي عارضا عليه بلا واسطة أو بواسطة أمر يكون ثبوته له ضروريا ليكون ثبوت المحمول ضروريا في النهاية وهذا ينحصر عندهم في المسائل الفلسفية كما أشرنا.

وعلى هذا الضوء يعرف وجه قولهم بأن مسائل العلم تبحث عن العوارض الذاتيّة لموضوعه لا غير ، إذ لو لم تكن العوارض المحمولة على موضوع العلم ذاتيا له بمعنى أنها ناشئة منه بالذات أو بواسطة أمر ذاتي لم يكن التصديق بثبوتها علما بحسب اصطلاحهم فما لا يكون موردا للميزان المذكور كعلم الفقه والأصول ونحوهما خارج عن هذه القاعدة موضوعا.

الثاني : الإشكال المعروف من النقض بمحمولات المسائل التي تعرض على موضوع العلم بواسطة موضوعاتها وهي في الغالب أخص من موضوع العلم فتكون من العارض بواسطة أمر أخص ، وهو عرض غريب.

وقد اتضح جواب هذه المناقشة أيضا على ضوء ما عرفت في معنى العرض الذاتي وأن ما يعرض بواسطة أمر أخص يكون تخصصه ذاتيا ـ كأعراض الجنس بسبب الفصل ـ عرض ذاتي أيضا.

وبملاحظة مجموع ما ذكرنا يتبين لك أوجه المفارقة في كثير من كلمات علماء الأصول التي ذكروها في هذا المقام نقتصر فيما يلي على الإشارة إلى ما حاوله المحقق الأصفهاني ( قده ) في دفع الإشكال المعروف المتقدم حيث حاول تفسير العرض الذاتي بما يعرض على الشيء بلا واسطة أو بواسطة أمر يكون جعله بعين جعل ذي الواسطة لا بجعل آخر ، ولذلك كان ما يعرض على موضوع علم كالجسمية العارضة على الموجود في مسائل علم الحكمة بواسطة موضوعات المسائل الأخص ، كالجوهرية أو الإمكان حيث يقسم الموجود إلى ممكن وواجب والممكن إلى جوهر وعرض ويقسم الجوهر إلى عقل ونفس ومادة وصورة والأخيران يشكلان الجسم ـ عرضا ذاتيا لأن جعل الجوهرية

۳۹۱۱