وأخرى : بأن غرض التصحيح وعدم الخطأ ليس أمرا خارجيا كوقوع الكلام الصحيح بل أمر إضافي يراد به مطابقة الكلام أو الفكر للقاعدة العلمية الثابتة في نفسها ، ومن الواضح : أن اتصاف الفكر أو الكلام بالمطابقة مع القاعدة يكون تمام علتها ثبوت نفس القاعدة في لوح الواقع.

والصحيح هو الجواب الأول دون الثاني : لأن التصحيح ومطابقة الفكر أو الكلام مع القاعدة العلمية ليست نسبة إلى مسائل العلم نسبة الأثر إلى المؤثر والغرض إلى ذي الغرض وإنما هو مجرد نسبة وإضافة بين شيئين ينتزعهما الذهن كلما افترض وجود المنتسبين فكيف يعقل أن تكون هي الغرض من جعل تلك القاعدة أو ثبوتها.

هذا ، ولكن مع ذلك لا يمكن المساعدة على هذا الاستدلال ، لأنه لو سلم ما يدعى فيه من أن لكل علم غرضا واحدا ولو بالنوع فهو لا يكفي لاستنتاج وحدة موضوع مسائل ذلك العلم ، وبرهان الواحد لا يصدر إلا من واحد على فرض تعميمه للواحد بالنوع لا يراد منه أكثر من لزوم التطابق بين العلة الموجودة ومعلولها في السنخ فيكون قاصرا على العلة الفاعلية ومبادئ وجود شيء خارجا وليست مسائل العلم وقضاياه علة فاعلة لوقوع الكلام أو الفكر الصحيحين خارجا كما هو واضح. هذا إن أريد ترتب الغرض بالنحو الأول الحقيقي ، وأما لو أريد الغرض بالمعنى الثاني الإضافي فعدم انطباق البرهان المذكور فيه أوضح ، لأن النسبة والإضافة تابعة في الوحدة والتعدد لأطرافها فلو فرض ثبوت قضية واحدة جامعة بين مسائل العلم الواحد كانت الإضافة المنتزعة منها واحدة لا محالة ، وإلا كانت متعددة ، وليست الإضافة أمرا مستقلا في ذاتها لكي تلحظ مستقلا ويستكشف منها وحدة العلم أو تعدده موضوعا.

وهذا هو الجواب الصحيح عن الاستدلال المذكور. واما ما جاء في كلمات السيد الأستاذ ـ دام ظله ـ تارة : من إنكار ترتب غرض على ذات المسائل بدليل عدم تحققه في حق الجاهلين بها فلو أريد تطبيق برهان الواحد لزم افتراض وجود وحدة بين العلوم المتعلقة بالمسائل لا بين موضوعات المسائل وأخرى : بأن مقتضى البرهان الآنف الذّكر وجود جامع بين النسب الخاصة التي ترتبط بين محمولات المسائل وموضوعاتها

۳۹۱۱