والاعتراض الثاني مبني على دعوى للسيد الأستاذ ـ دام ظلّه ـ ذكرها في أبحاث الاستصحاب ، حاصلها : انَّ الشبهات المفهومية لا مجال فيها للاستصحاب الحكمي كما لا مجال للاستصحاب الموضوعي ، لأن الشك في بقاء الحكم ناشئ عن الشك في بقاء الموضوع ويشترط في الاستصحاب إحراز بقائه.
وقد أوضحنا هناك : أن مسألة انحفاظ موضوع الحكم المستصحب وعدمه لا ربط لها بكون الشبهة الحكمية مفهومية أم لا ، وإنَّما ترتبط بمدى تشخيص العرف للحيثية المفقودة المحتمل دخلها في الحكم واعتبارها ركناً مقوّماً للموضوع أم لا. فقد تكون الشبهة مفهومية ومع ذلك لا تكون حيثيّة التلبس المنقضية مقوّمة للموضوع بحسب نظر العرف فيكون الاستصحاب جارياً. فالصحيح ملاحظة هذه النكتة في التفصيل كما هو واضح.
ثمَّ انَّه لو فرضنا اجتماع حكمين مترتبين على المشتق أحدهما مطلق شمولي ، كما إذا ثبت « وجوب إكرام عالم » و « وجوب إكرام كلّ عادل » فسوف يتشكّل علم إجمالي امَّا بفعلية وجوب إكرام العادل المنقضي عنه التلبس أو وجوب تطبيق إكرام العالم على المتلبس بالعلم. وهذا علم إجمالي منجز لو قيل بعدم جريان الاستصحاب المثبت للتكليف في المشتق الّذي رتّب عليه الحكم بنحو مطلق الوجود ـ كما ذهب إليه السيد الأستاذ مطلقاً وذهبنا إليه في صورة تأخّر الجعل عن زمان التلبّس ـ.