وقد يجاب على ذلك : بأن كون المعنى الحرفي ملحوظاً آليّاً انّما يمنع عن تقييده حال لحاظه كذلك ، وامّا لحاظ المعنى في نفسه أولا مقيداً بقيد ثمّ لحاظ المقيد آلياً في مقام الاستعمال فلا مانع عنه أصلاً.
والتحقيق : انّ هذا انّما يتمّ إذا كان التقييد بالشرط ومفاد هيئة الجملة الشرطية الّذي يربط مدلول هيئة الجزاء بجملة الشرط مأخوذاً على نحو النسبة الناقصة التقييدية. فان بالإمكان حينئذٍ تقييده وملاحظة الحصة الخاصة باللحاظ الآلي وإفادتها بنحو تعدد الدال والمدلول ، وامّا إذا كان مفاد هيئة الجملة الشرطية نسبة تامة أحد طرفيها مفاد الشرط والطرف الآخر مدلول هيئة الجزاء فلا يتم ما ذكر ، لأنه لا بدّ من حفظ النسبة التامة في مرحلة اللحاظ الاستعمالي وانحفاظها في هذه المرحلة مساوق للنظر إلى طرفيها بما هما متغايران لما تقدّم من انّ طرفي النسبة التامة في عالم اللحاظ الاستعمالي ملحوظان بما هما متغايران ، فان كان طرفها ملحوظاً في هذه المرحلة تبعاً فكيف يمكن إيقاع النسبة بينه وبين الطرف الآخر؟
والصحيح في إبطال هذا التقريب منعه مبنى ، وذلك لأن التغاير بين المعنى الاسمي والحرفي ذاتي لا لحاظي ومن هنا ينتقل إلى التقريب الآخر التالي.
التقريب الثاني : ان المعنى الحرفي بحكم كونه نسبيّاً لا يعقل أن يكون له وجود استقلالي لا في الذهن ولا في الخارج ، وبذلك يمتنع تعلّق اللحاظ الاستقلالي به لا لأخذ اللحاظ الآلي قيداً فيه كما هو مبنى التقريب السابق بل لأن النسبة الحقيقية سنخ ماهية ناقصة ذاتاً لا يعقل أن يكون لها وجود بحيالها وانّما هي مندكة في طرفيها دائماً. وإذا كان هذا هو نحو وجودها في الذهن فلا يعقل تقييدها لأنّ تقييد معنى يستدعي ملاحظته والتوجّه إليه وبهذا البيان اتّضح وجه النّظر فيما أفاده جملة من الأعلام ، من دفع التقريب السابق بإنكار التبعية في اللحاظ للمعنى الحرفي وتوضيح أن تبعيته ذاتية باعتبار نسبيته ، وذلك لأن هذه التبعية الذاتيّة تبرهن بنفسها على استحالة الوجود الاستقلالي لمثل هذه الماهية التي لا استقلال لها في مقام التقرر فضلاً عن مقام الوجود ، واللحاظ نحو من الوجود فينتج عدم قابلية المعنى الحرفي للحاظ الاستقلالي ويعود الإشكال.