ولنأخذ اسم الإشارة « هذا » محوراً للحديث وعلى ضوئه يفهم الحال في سائر المبهمات وقد ذكر المحقق الخراسانيّ ( قده ) أن « هذا » تدلّ على نفس ما تدلّ عليه كلمة المفرد المذكر ، غاية الأمر : أنّها وضعت ليشار بها إلى المعنى ومن أجل ذلك يكون استعمالها مساوقاً لتشخيص المعنى بسبب الإشارة من دون أن تؤخذ الإشارة قيداً في المعنى الموضوع له.
واعترض عليه السيد الأستاذ ـ دام ظلّه ـ : بأنّا لو سلّمنا اتحاد المعنى الحرفي والاسمي ذاتاً واختلافهما باللحاظ لم نسلم ما أفاده في المقام ، وذلك لأن لحاظ المعنى في مرحلة الاستعمال أمر ضروري فلا يلزم على الواضع أن يجعل لحاظ المعنى آلياً كان أو استقلاليّاً قيداً للموضوع له بل هو لغو بعد ضرورة وجوده ، وهذا بخلاف أسماء الإشارة ونحوها فان الإشارة إلى المعنى ليست ممّا لا بدّ منه في مرحلة الاستعمال فلا بدّ من أخذه قيداً في المعنى الموضوع له ، وذلك بأن يقال انّ اسم الإشارة « هذا » وضع للدلالة على قصد تفهيم المفرد المذكر في حالة الإشارة إليه وليس المراد بذلك وضعه لمفهوم المفرد المذكر بل لواقعه على نحو الوضع العام والموضوع له الخاصّ.
وكلّ من اعتراض السيد الأستاذ على صاحب الكفاية ومختاره ومدعى صاحب الكفاية محل نظر ، أمّا الأول فلأنّ عدم أخذ الإشارة قيداً في الموضوع له ليس معناه إطلاق الوضع من ناحيتها بل أخذها قيداً في نفس العلقة الوضعيّة بناء على التصورات المشهورة القائلة بإمكان ذلك ، ولو لا هذا لما تمّ مدعى صاحب الكفاية في باب الحروف أيضا فان تصحيحه يتوقّف على أخذ اللحاظ الآلي قيداً في العلقة الوضعيّة. ودعوى : الفرق بين البابين كما أفيد لأنّ اللحاظ ضروري والإشارة غير ضرورية. مدفوعة بأن ما هو ضروري أصل اللحاظ لا آليته بالخصوص فآلية اللحاظ كالإشارة أمر غير ضروري ولا يمكن فرض تقوم الاستعمال به بالخصوص وإبائه عن الاستقلالية إلاّ بأخذه قيداً في الوضع بوجه من الوجوه.
وامّا الثاني : فانّه يرد عليه : أولا ـ ان لازم كون كلمة هذا موضوعة للمفرد المذكر على نحو الوضع العام والموضوع له العام الترادف بين هذا والمفرد المذكر مع انّه خلاف الوجدان ، وثانياً : ما تقدّم منا من ان تقييد العلقة الوضعيّة لا معنى له.