وهذا الاعتراض لا مأخذ له نقضاً وحلاًّ.
امَّا النقض : فبالمصادر الجعلية كالشيئية والإنسانية والحيوانية فانَّه لا إِشكال في عدم صحة حملها على الذات فلا يقال زيد شيئية أو إنسانية كما يقال شيء أو إنسان. ولا يمكن أن يفسّر الفرق بينهما على أساس اختلاف المفهوم خصوصاً في مثل الشيء والشيئة ، إذ لا يوجد مفهوم أوضح من مفهوم الشيء يمكن أخذه فيه بنحو التركيب.
وامَّا الحلّ : فلان مصحح الحمل وعدمه اتحاد المفهومين وتغاير هما بحسب عالم لحاظهما ، فإذا كان لحاظهما بنحو يرى انَّهما متغايران في الوجود لم يصحّ حمل أحدهما على الآخر ، وإذا كان بنحو يرى انَّهما وجود واحد صحَّ الحمل لأن الحمل من شئون عالم اللحاظ الذهني لا الواقع الخارجي فانَّه عالم الاتحاد والعينيّة. ويرى المحقق النائيني ( قده ) انَّ الذهن بتعمله وتحليله يمكن أن يجزّئ الموجود الخارجي إلى ذات وعرض ولو لم يكونا اثنين واقعاً فينتزع عنوان الإنسانية مثلاً بما هو عرض لذات الإنسان ، وبهذا اللحاظ عندئذ يرى وجودين لا يمكن حمل أحدهما على الآخر ، والمصدر موضوع للمبدإ منظوراً إليه بهذه العناية ، ولذلك قال الميرزا ( قده ) انَّ مدلول المصدر بحاجة إلى عناية بخلاف المشتق الموضوع للموضوع الخارجي منظوراً إليه بحسب طبعه وحقيقته.
ومنها ـ النقض بالأعراض الانتزاعية والاعتبارية التي لا وجود لها في الخارج لكن يمكن أن ينظر إليها تارة بما هي موجودة في نفسها وأخرى بما هي موجودة لغيرها.
والالتزام بالتفصيل بين المشتقات ذات المبادئ الانتزاعية والاعتبارية وغير هما ممَّا لا يمكن المساعدة عليه.
وهذا الاعتراض أوضح اندفاعاً عن سابقه لأنَّه يهدم مدعى المعترض أيضا ، إذ يقصد من ورائه الانتهاء إلى أخذ مفهوم الذات أو الشيء في المشتق ليصحّ الحمل بلحاظه مع انَّه من المفاهيم الانتزاعية التي لا وجود خارجي لها ، فانَّ سلّم بنحو اتحاد بينها وبين مناشئها المصحح لحملها على الخارج كان بنفسه مصحح الحمل عند المحقق النائيني أيضا.
ومنها ـ النقض بأسماء الزمان والمكان فانَّ « مقتل » مثلاً ليس موضوعاً للقتل وملحوظاً لا بشرط عن حمله على زمان أو مكان ، إذ ليس القتل وجوداً لمكان أو زمان