تدرس فيه تلك العناصر كبرويا ثم تطبق النتائج المنقحة هناك في البحوث الفقهية كمصادرات مفروغ عنها سلفا ومن هنا بدا البحث عن هذا القسم من عناصر الاستنباط ينفصل شيئا فشيئا عن البحوث الفقهية حتى أصبح على شكل علم مستقل له خصائصه المتميزة ومنهجه الخاصّ.
فهذه الخصوصية من أهم مميزات المسألة الأصولية ، وبها تخرج مسائل اللغة التي لم يبحثها الأصوليون عن التعريف ، وكذلك جملة من القواعد الفقهية ، لأنها لا تشكل عناصر مشتركة.
الثانية ـ ان يكون هذا العنصر المشترك من عناصر الاستدلال الفقهي ونعني بالاستدلال الفقهي الاستدلال الّذي يقوم به الفقيه لتحديد الوظيفة تجاه الجعل الشرعي الكلي ، فما لا يدخل في نطاق هذا الاستدلال لا يكون أصوليا ، كقاعدة الفراغ أو أصالة الصحة ، لأنها وإن كانت عنصرا مشتركا ولكنها مختصة بالشبهات الموضوعية ولا تقع عنصرا في الاستدلال المحدد للوظيفة تجاه جعل شرعي كلي.
الثالثة ـ ان يكون هذا العنصر المشترك مرتبطا بطبيعة الاستدلال الفقهي خاصة وليس من العناصر المشتركة في عمليات الاستدلال على العموم ، وإلا كان بحثه من وظيفة علم المنطق لا الأصول ، فان علم الأصول بمثابة المنطق للفقه خاصة فهو يبحث العناصر المشتركة في الاستدلال الفقهي بينما يبحث المنطق عن العناصر المشتركة في طبيعي الاستدلال.
الرابعة ـ ان يكون هذا العنصر المشترك مما يستعمله الفقيه في الاستدلال الفقهي دليلا على الجعل الشرعي الكلي ، ومن دون فرق بين أنحاء الدليليّة من كونها لفظية أو عقلية أو شرعية وتوضيح ذلك : ان الأدلة التي يعتمد عليها الفقيه في استدلاله الفقهي على أقسام :
١ ـ الدليل اللفظي ـ ويراد به كل دليل تكون دلالته على أساس الوضع اللغوي أو العرفي العام فيشمل دلالة الفعل والتقرير أيضا.
٢ ـ الدليل العقلي البرهاني ـ وهو الدليل الّذي تكون دلالته على أساس علاقات وملازمات واقعية تثبت بحكم العقل البديهي أو بتوسط برهان.