« زيد » دال حكائي على حصّة خاصة من مفهوم النداء ، وامَّا « يا زيد » فهو نداء حقيقي وقد أفيد توجيهه بدال حكائي. وإن شئت قلت : أن نداء « زيد » تارة : يكون. وجوداً بوجود حكائي مقيّداً وقيداً كما في قولنا : « تنبيه زيد » وأخرى يكون موجوداً بنفسه حقيقة مقيّداً وقيداً ، كما إذا أمسكنا زيداً وجذبناه بقصد تنبيهه. وثالثة : يكون المنبّه موجوداً حقيقة وتكون نسبته وتوجهه إلى « زيد » موجوداً بوجود حكائي كما في « يا زيد » وليعلم أن هذه النسبة ناقصة ، لأن موطنها الأصلي هو الخارج فان التنبيه وكونه تنبيهاً لزيد أمر خارجي والهيئة دلّت على النسبة التحليلية بين التنبيه وزيد ، وفرقه عن النسبة الناقصة في قولنا « تنبيه زيد » أو « نداء زيد » كونها نسبة ناقصة بين واقع التنبيه لا مفهومه.
إن قلت ـ إذا كانت النسبة الندائية ناقصة كانت تحليلية في الذهن ، ومعه ما معنى كون جزء تحليلي من الوجود الذهني موجوداً بوجود حقيقي وجزء آخر منه موجوداً بوجود حكائي؟
قلت ـ مقصودنا من ذلك أن مجموع الوجود الخارجي للمنبّه مع تلك الهيئة تعاونا في إعطاء ذاك الشيء الواحد للذهن لا أنَّ كلَّ واحد منهما أوجد حقيقة جزءاً مستقلاً من ذاك الشيء حتى يقال أنَّه لا يعقل ذلك ، ولا ضير في افتراض كون الحكاية عن توجه واقع المنبه إلى زيد ـ بمعنى إعطاء صورة ذلك إلى الذهن عن طريق إيجاد واقع المنبه ونسبته بالوجود الحكائي إلى زيد ـ موجدة لواقع ذي الصورة أي انَّه يتحقق بذلك واقعاً تنبيه زيد نظير إيجاد الحالات النفسيّة عند شخص عن طريق الإيحاء بوجودها فيه.
فان قلت ـ إذا كانت هذه النسبة ناقصة فكيف صحّ السكوت على جملة النداء وكانت تامة.
قلنا ـ انَّها ليست تامة بمعنى انَّها توجد نسبة حقيقية بين شيئين مستقلين نعم هي تامة بمعنى انَّه كان المقصود إيجاد تنبيه زيد خارجاً وقد حصل ذلك فلا تبقى حالة انتظارية من ناحية التنبيه المقصود.