نحوي وجودها. غير انَّ النسبة متقومة دائماً بشخص وجود طرفيها وبهذا كانت النسبة القائمة في ذهن المتكلم والنسبة القائمة في ذهن السامع ماهيتين متغايرتين وكلّ منهما قابلة للانتقال الذهني ، وذلك بأن توجد في صقع الذهن تبعاً لطرفيها بالنحو المناسب لها من الوجود. وأمَّا الثاني ، فلأنَّه مبني على تخيّل كون المدّعي وضع الحرف للوجود الرابط الخارجي وقد عرفت عدمه.
ثمَّ لا ندري هل كان نظره الشريف في تسجيل هذا النقض إلى وضوح صدق قولنا الوجود لله مع انَّه لا وجود رابط بين الطرفين ، أو إلى وضوح كونه كلاماً له مفاد مع انَّه إذا كان اللام يدلّ على الوجود الرابط فليس له في هذا الكلام مدلول بالذات فلا يكون الكلام ذا مفاد؟ فان كان النّظر إلى الأول ، فيرد عليه : انَّه لا بدَّ من تسجيل الإشكال في رتبة أسبق بالتقريب الثاني ، لأنَّ الكلام سواءً كان صادقاً أو كاذباً لا بدَّ أن يكون مدلوله بالذات محفوظاً فإذا كان المدلول بالذات نفس الوجود الخارجي فيكون عدم الصدق مساوقاً لعدم المفاد رأساً. وإن كان النّظر إلى الثاني فلا نعلم لما ذا لم ينقض بجميع موارد استعمال الحرف في حالات كذب المتكلّم حتى في مثل قولنا « السواد للجسم ثابت » حيث انَّ المدلول بالذات لا يتصوّر حينئذ فيلزم خلو الجملة من كونها ذات مفاد في نفسها.
ومنه يظهر : انَّ الإشكال الثالث وهو إنكار الوجود الرابط الخارجي لا يضرّ بالمدعى علاوة على أنَّه خلاف التحقيق ، إذ لو أريد إنكار ثبوت وجود ثالث خارجاً على وجود المنتسبين فهو صحيح لكنَّه ليس هو المراد بالوجود الرابط. وإن أريد إنكار ثبوت واقعية ثالثة في الخارج وراء واقعية المنتسبين فهو غير صحيح ، لوضوح انَّ هناك أمراً واقعيّاً ثابتاً في لوح الواقع الّذي هو أوسع من لوح الوجود نفتقده عند ما نفترض ناراً وموقداً غير منتسبين وهذه الواقعية هي منشأ انتزاع مثل عنوان الظرفية أو المظروفية وهي منشأ واقعيتهما لو قيل بأنَّهما من الأمور الواقعية لا الاعتباريّة.