عنها على حدّ حكاية الكلّي عن فرده ولكن هذا المفهوم المنتزع ليس هو طرف النسبة فلا يكون هو المقوم لها.
ثالثاً : حيث ثبت انَّ المقوّمات الذاتيّة لكلّ نسبة مختلفة عن المقومات الذاتيّة للنسبة الأخرى. يتبرهن استحالة انتزاع الجامع الذاتي بين تلك النسب لأنَّه إن تحفّظنا على المقومات الذاتيّة لأشخاص النسب فلا يمكن تحصيل مفهوم واحد يكون جامعاً ، لأنَّ مقومات كلّ نسبة مغايرة لمقومات النسبة الأخرى ، وما لم تلغ الخصوصيات التي تتغاير بها الأفراد لا يمكن الحصول على الجامع بينها. وإذا ألغينا المقومات لكل نسبة استحال الحصول على جامع ذاتي ، لأنَّ الجامع الذاتي لا بدَّ أن تنحفظ فيه المقومات الذاتيّة للأفراد.
٤ ـ وهي متفرعة على الثالثة على حدّ تفرّع المرحلة الثانية على الأولى وحاصلها : أنَّه يتبرهن على أساس عدم الجامع الذاتي بين تلك النسب انَّ المفهوم الحرفي سنخ مفهوم ليس له تقرّر ذاتي في مرحلة سابقة على الوجود بخلاف المفهوم الاسمي. وتوضيحه : انَّنا حينما نتصور النار يمكننا بنظرة تحليلية أن نحلل هذه النار الموجودة في ذهننا إلى ماهية ووجود ونعقد على أساس ذلك قضية موضوعها ذات الماهية ـ أي النار ـ ومحمولها الوجود. وهذا يعني انَّ مفهوم النار قد فرض موضوعاً في القضية دون أن يلحظ معه عالم الوجود ثمَّ نسب إلى عالم الوجود فقيل النار موجودة ، فالنار إذن لها نحو تقرر باعتبارها موضوعاً لتلك القضية القائمة على نظر تحليلي بقطع النّظر عن عالم الوجود ، وهذا هو معنى أن المفهوم الاسمي له تقرّر ذاتي في مرحلة سابقة على الوجود. وامَّا المفهوم الحرفي ، فهو ليس كذلك لأنَّ شخص النسبة بعد أن ثبت أنَّها متقومة ذاتاً بشخص وجود طرفيها بحيث يكون شخص وجود الطرفين بالإضافة إلى النسبة المتقومة بها كالجنس والفصل بالإضافة إلى المفهوم الاسمي للنار أو للإنسان ، فلا يعقل أن يكون لتلك النسبة نحو تقرّر ذاتي في مرحلة سابقة على عالم الوجود ، إذ في هذه المرحلة لا انحفاظ للمقوّمات الذاتيّة لتلك النسبة. ففرق بين فرض النار أو الإنسان في مرحلة سابقة على الوجود ثمَّ الحكم عليه بأنَّه موجود أو غير موجود ، وفرض شخص النسبة في مرحلة سابقة كذلك ، فان الأول معقول لانحفاظ المقومات الذاتيّة له وهي الحيوانية