وصريح كلام صاحب الكفاية ( قده ) يشهد بإرادة هذا المعنى حيث قال : « انَّه لا يكاد يكون المعنى حرفيّاً إلا إذا لوحظ حالة لمعنى آخر ومن خصوصياته القائمة به » وقال : في موضع آخر من كلامه : « حاله كحال العرض ، فكما لا يكون في الخارج إلا في الموضوع كذلك هو لا يكون في الذهن إلا في مفهوم آخر » (١).

ومنها ـ ما أورده السيد الأستاذ أيضا بقوله : « كما انَّ لحاظ المعنى حالة لغيره لو كان موجباً لكونه معنى حرفيّاً لزم منه كون جميع المصادر معاني حرفية ، فانَّها تمتاز عن أسماء المصادر بكونها مأخوذات بما أنَّها أوصاف لمعروضاتها بخلاف أسماء المصادر الملحوظ فيها الحدث بما انَّه شيء في نفسه مع قطع النّظر عن كونه وصفاً لغيره » (٢).

وهذا النقض يمكن دفعه : بأن المصادر تحتوي على مادة وهيئة ، فان أريد النقض بموادها فهي موضوعة لذات الحدث. وإن أريد النقض بهيئاتها فقد يسلّم بكونها كالحروف وسائر الهيئات ، كما هو أحد القولين فيها.

ومنها ـ ما أورده السيد الأستاذ ـ دام ظلّه ـ أيضا من أنَّ المعنى الحرفي قد يكون هو المقصود بالإفادة في كثير من الموارد ، وذلك كما إذا كان ذات الموضوع والمحمول معلومين عند شخص ولكنَّه كان جاهلاً بخصوصيّتهما فسأل عنها فأجيب على طبق سؤاله فهو والمجيب انَّما ينظران إلى هذه الخصوصية نظرة استقلالية (٣).

وفيه : علاوة على أنَّه مخالف لمبناه ومبنى مشهور المتأخرين من أن معاني الحروف غير استقلالية بذاتها في مرحلة تقررها الماهوي فلا يعقل وجودها لا ذهناً ولا خارجاً إلا بما هي عليه من الآلية والفناء. يمكن تفسير مورد النقض بأحد نحوين :

١ ـ أن ينتزع المستعمل مفهوماً اسميّاً مشيراً إلى واقع المعنى الحرفي الخاصّ ويجعله مدخول الاستفهام ، نظير قولنا : ما هي الكيفيّة التي سافر بها زيد؟

٢ ـ أن يكون اللحاظ الاستقلالي متعلّقاً بطرف المعنى الحرفي أي بالمعنى الاسمي المتحصص به بما هو متحصّص فيكون لحاظ التحصص تبعيّاً ، كما لو سأل : أن زيداً هل

__________________

(١) كفاية الأصول ج ١ ص ١٦ ( ط ـ مشكيني )

(٢) هامش أجود التقريرات ج ١ ص ١٦

(٣) راجع محاضرات في أصول الفقه ج ١ ص ٦٢

۳۹۱۱