١ ـ انَّ الاختلاف بين معاني الحروف والأسماء بلحاظ أمر عرضي خارج عن ذات المعنى ، وهو كيفية لحاظ الذهن للمعنى حين الاستعمال من الآلية والاستقلالية.
٢ ـ أن آليّة اللحاظ واستقلاليّته لا يمكن أن تكون قيداً في الموضوع له أو المستعمل فيه بل في الوضع نفسه.
وكأنَّه ( قده ) فرغ عن صحة الأمر الأول ، فلم يكلّف نفسه مئونة إثباته وانَّما أشبع البحث في الأمر الثاني ، مع أنَّ المهمّ إثبات أصل المدّعى من وحدة المعنيين وعدم تغاير هما ذاتاً.
وقد أورد عليه في كلمات المحققين اعتراضات عديدة.
منها ـ ما ذكره المحقق الأصفهاني ( قده ) في تعليقته على الكفاية بقوله « انَّ الاسم والحرف لو كانا متّحدي المعنى وكان الفرق بمجرّد اللحاظ الاستقلالي والآلي لكان طبيعي المعنى الوحدانيّ قابلاً لأن يوجد في الخارج على نحوين كما يوجد في الذهن على طورين ، مع انَّ الحرفي كأنحاء النسب والروابط لا يوجد في الخارج إلا على نحو واحد وهو الوجود لا في نفسه ولا يعقل أن توجد النسبة في الخارج بوجود نفسي » (١).
وكأنَّه ( قده ) يفترض مطابقة عالم الخارج مع الذهن في أنحاء الوجود أصلاً موضوعيّاً مسلماً فيعترض بأن المعنى الواحد لو كان يوجد في الذهن على طورين آليّ واستقلالي لزم أن يوجد في الخارج كذلك مع أنَّ المعنى الحرفي لا يوجد خارجاً إلا في غيره.
ولكن لا مأخذ للأصل الموضوعي المزعوم ، إذ لا برهان على ضرورة التطابق بين الوجود الذهني والوجود الخارجي ، بل البرهان على خلافه ، فان العرض لحاظه في الذهن يمكن أن يكون مستقلاً عن موضوعه مع انَّه في الخارج لا يوجد إلا في موضوعه.
ومنها ـ ما ذكره المحقق النائيني ( قده ) من أنَّ تقييد الواضع واشتراطه الآليّة في استعمال الحرف والاستقلاليّة في استعمال الاسم ليس ملزماً ولا يترتّب عليه عدم صحّة الاستعمال للفظ في معناه الموضوع له. ولو سلّم فغايته عدم صحّته بقانون الوضع
__________________
(١) نهاية الدراية الجزء الأول ٦ ٤٣ ( المطبعة العلمية ـ قم )