معناه الحقيقي ، فيعقل أن يكون بعض المعاني المجازية أقرب إلى اللفظ وآكد في اقترانه الطولي من البعض الآخر إمَّا لكون الأخير في طول الأوّل بحيث يكون الانتقال إليه بتوسّط الأوّل ، أو لكون المجاز الأوّل أكثر شبهاً بالمعنى الحقيقي من المجاز الثاني.
إلا أنَّ تطبيق هذه الكبرى على محل البحث لا يخلو من منع ، إذ لا مجال لزعم طولية الأعم للصحيح بعد أن كانت العلاقة المصححة محفوظة فيها بدرجة واحدة عرفاً. وأوضح منه فساداً توهّم طولية الصحيح للأعم.
الثاني : ما جاء في تعليق المحقق الأصفهاني ( قده ) على الكفاية من أنَّ النزاع حينئذ في أنَّ اللفظ قد استعمل عند الصحيحي في الصحيحة لعلاقة بينها وبين المعنى اللغوي ، وفي الفاسدة لا لعلاقة بينها وبين المعنى الأصلي ولا للمشاكلة بينها وبين الصحيحة بل من جهة تصرّف في أمر عقلي وتنزيل المعدوم من الأجزاء والشرائط منزلة الموجود ، لئلا يلزم سبك مجاز في مجاز فلا مجاز أصلاً من حيث المعنى إلا في استعمال اللفظ في الصحيحة ، وحيث انَّ الاستعمال دائماً في الصحيحة من حيث المفهوم والمعنى فمع عدم القرينة على التصرف في أمر عقلي يحمل على الصحيحة ويترتّب عليه ما يترتّب على الوضع للصحيحة من الثمرة. وأمَّا الأعمي ، فهو يدّعي أن اللفظ دائماً مستعمل في الأعم وإفادة خصوصية الصحيحة والفاسدة بدال آخر ، فمع عدم الدال الآخر يحمل اللفظ على ظاهره ويتمسّك بإطلاقه (١).
وهذا التقريب للنزاع أيضا لا تساعد عليه الطرائق العرفية في باب المحاورة ، إذ لو لم تمنع عرفية إعمال مجازين ولو كان أحدهما ادعائيّاً بعد إمكان الاستعمال المجازي لانحفاظ نفس العلاقة سنخاً ، فلا إشكال في عرفية الاستعمال في الأعم ابتداءً بل وقوعها خارجاً ، كما في موارد التقسيم إلى الصحيحة والفاسدة التي يتعيّن فيها الاستعمال في الجامع.
هذا بالنسبة لما ذكره في حقّ الصحيحي ، وامَّا ذكره في حقّ الأعمّي فالمفارقة فيه باعتبار انَّ إفادة المعاني بتعدّد الدال والمدلول وإن كانت طريقة متّبعة عرفاً ولكنها
__________________
(١) نهاية الدراية ج ١ ص ٤٨ ـ ٤٩ ( المطبعة العلمية ـ قم )