فرد لمعنى آخر ، فالاستقلال المقصود هو الاستقلال الاستعمالي لا الحكمي ، فقد يقصد تفهيم معنى بما هو باللفظ وكذلك المعنى الآخر إلا أن المحمول الّذي يحكم به عليهما واحد ثابت لمجموع المعنيين ، وقد يقصد تفهيم المجموع من المعنيين باستعمال اللفظ في المجموع ويكون كل منهما موضوعا مستقلا للحكم إذ لا ملازمة بين الاستقلال الاستعمالي والحكمي. وقد ذهب بعض المحققين ـ على أن ما في حاشية المحقق الأصفهاني ( قده ) (١) إلى التلازم بين الأمرين ويظهر منه ان السر في هذا التلازم هو ان الحكم الاستقلالي شأنه التعلق بالمعنى الملحوظ في مقام الاستعمال فإذا كان المعنى ملحوظا ضمنيا في مقام الاستعمال فالحكم يثبت له بما هو ضمني أيضا والعكس صحيح ، ولا يمكن مع ملاحظته في الضمن استعماليا أن يتعلق الحكم به مستقلا إلا بإبطال اللحاظ الاستعمالي وإحداث لحاظ جديد ، وهو خلاف الوجدان. والتحقيق في حل هذه الشبهة أن يقال : ان الحكم وإن كان يتعلق بالمعنى الملحوظ باللحاظ الاستعمالي لا بمعنى ملحوظ بلحاظ آخر وإلا لم يكن متعلقا بالمعنى المستعمل فيه إلا أن اللحاظ الّذي تقتضيه الإرادة الاستعمالية الضمنية له لا يأبى عن تعلق الحكم الاستقلالي به ، وذلك لأن لفظ ( عين ) مثلا موضوع لطبيعي العين الجارية ولطبيعي العين الباكية والمعنى في كل منهما هو الجامع بين المقيد بكونه في ضمن مركب والمطلق وليس المراد بكون المعنى ضمنيا في مقام تعلق الإرادة الاستعمالية إرادة الحصة الأولى منه كما انه ليس المراد باستقلاليته في هذا المقام إرادة الحصة الثانية منه بل المراد الاستعمالي سواء كان ضمنيا أو استقلاليا هو الطبيعة بنحو جامع بين المقيد والمطلق ، إلا ان هذه الطبيعة الجامعة تارة : بقصد تفهيمها بالخصوص باللفظ ، وهو معنى استقلالها في الإرادة الاستعمالية. وأخرى : يقصد تفهيمها بأن تعتبر جزءا من مجموع الطبيعتين الجامعتين بين المطلق والمقيد ويقصد تفهيمها بما انها في ضمن المجموع ، وعلى كل من التقديرين فالمراد جدا منه الّذي هو مصب الحكم تارة : يكون هو الحصة المطلقة ، وأخرى : الحصة الخاصة ؛ فعلى الأول يكون الحكم استقلاليا سواء كان الاستعمال
__________________
(١) نهاية الدراية ج ١ ص ٨٦ ( المطبعة العلمية ـ قم )