دلالة اللفظ وحمل الكلام عليه ما دام كل منهما معنى وضعيا للفظ ، فلا بد من تصوير الوضع على نحو يحافظ فيه على الطولية بين المعنيين وأولوية المعنى الحقيقي ، وذلك بأحد وجوه :

الأول : أن يقال : بأن اللفظ موضوع للمعنى المجازي بوضع نوعي على نحو لوحظت فيه الأوضاع الشخصية بأن قيل مثلا ان لفظ الأسد موضوع لما يشابه معناه الموضوع له ، وبذلك تحفظ الطولية.

ويرد عليه : أن مجرد كون الوضع الثاني نوعيا وأخذ المشابهة عنوانا مشيرا إلى المعاني المجازية ، أو حيثيته تقييدية فيها لا يكفي لتفسير الطولية بين العلقتين الوضعيّتين على نحو لا تؤثر إحداهما إلا في فرض عدم تأثير الأخرى.

الثاني : أن يقال : بأن الوضع للمعنى المجازي مقيد بفرض وجود القرينة على المعنى المجازي بأخذها قيدا في الوضع أو اللفظ الموضوع ، فمع عدم القرينة يقدم المعنى الحقيقي إذ لا وضع للمعنى المجازي في هذه الحالة. ولا يتوهم : كون هذا الوضع لغوا ما دام مقيدا بوجود القرينة على المعنى المجازي لأنها تكفي عنه دائما. لاندفاع هذا التوهم : بأن المقصود بالوضع تصحيح دلالة نفس اللفظ على معناه المجازي ، والقرينة إنما تفهم المعنى المجازي على أفضل تقدير ولا تصح دلالة اللفظ عليه.

ويرد عليه : ان لازم تقييد الوضع المصحح للدلالة على المعنى المجازي بنصب القرينة عدم صحة الاستعمال المجازي في حالات عدم نصب القرينة لعدم الدلالة وانتفاء العلاقة في هذه الحالة بحسب الفرض. مع أنه صحيح بلا إشكال بلحاظ شأنية الدلالة في اللفظ ، وهذا يكشف عن أن المصحح للدلالة وبالتالي للاستعمال ليس هو الوضع المقيد المذكور.

الوجه الثالث : أن يقال : بتصوير وضع مقيد للمعنى المجازي غير ان القيد هو مجرد نصب القرينة الصارفة.

ويرد عليه : نفس المحذور أيضا ، لأن الدلالة الشأنية للفظ على المعنى المجازي وبالتالي صحة استعمال اللفظ فيه ثابتة في موارد عدم نصب القرينة الصارفة أيضا.

الوجه الرابع : أن يفترض كون اللفظ موضوعا للمعنى المجازي بوضع مقيد بعدم

۳۹۱۱