ذات المفهوم. فلو كان المقصود من وضع اللفظ للمعنى المراد وضعه لما هو المراد بالذات لكان مرجعه إلى الوضع للوجود الإرادي القائم في النّفس ، واما إذا كان المقصود من ذلك وضع اللفظ لذات المفهوم مع أخذ نسبة بينه وبين الإرادة في المعنى الموضوع له على أساس ان المفهوم مراد بالعرض والإرادة لها نسبة إلى المراد بالعرض فيعقل تقييد المفهوم بهذه النسبة ، فلا يخرج بذلك عن قابلية الانطباق على الخارجيات.

والحاصل : ان هناك نسبة وتحصيص تنتزع بلحاظ المراد بالذات ونسبة تنتزع بلحاظ المراد بالعرض ، وتقييد المعنى الموضوع له بالإرادة لا ينحصر بأخذ النسبة الأولى بل يمكن تصويره بأخذ النسبة الثانية.

واما الثاني ، فيندفع : بأن الإرادة التفهيمية لشيء في طول ذلك الشيء والمدعى في المقام ليس هو أخذ الإرادة التفهيمية لشيء في نفس ذلك بل أخذها جزءا آخر للمعنى المركب من ذلك الشيء ومن إرادته التفهيمية. وكأن هذا الاعتراض نشأ من تخيل أن ما يدعى أخذه في المعنى هو الإرادة التفهيمية لتمام المعنى مع ان المدعى أن الإرادة التفهيمية لجزء المعنى هي بنفسها الجزء الآخر لذلك المعنى فلا يلزم من ذلك أخذ الإرادة في المراد.

ولو فرض أن الاعتراض المذكور متجه فلا يبرهن إلا على استحالة أخذ الإرادة في مرتبة موضوع شخص تلك الإرادة لا أخذها في مرتبة موضوع إرادة من سنخ آخر ، حيث سيأتي في نظرية الاستعمال تصوير ثلاث إرادات ـ وهي الإرادة الاستعمالية والإرادة التفهيمية والإرادة الجدية ـ فلا يثبت بمحذور الدور أو الخلف امتناع أخذ الإرادة الجدية في موضوع الإرادة التفهيمية أو الاستعمالية.

فالمهم في الاعتراض على أخذ الإرادة ما قلناه آنفا من استحالة تقيد المدلول التصوري بأمر تصديقي.

وقد أجيب عن هذا الاعتراض : بالالتزام بالوضع لذات الحصة التوأم مع الإرادة على نحو مساوق لخروج القيد والتقيد معا.

ويندفع ذلك. أولا : بأن الحصة بهذا المعنى انما يعقل في الأفراد الخارجية لأن لكل فرد تعينا في مقابل غيره بقطع النّظر عن تقيده بخصوصياته العرضية ، ولا يعقل في

۳۹۱۱