ومنها انّ الحصر إنّما يكون نفيا لما وقع فيه تردّد ونزاع ، ولم يكن عند نزول الآية نزاع فى التّولّى والإمامة ، بل بعد وفاة النبي (ص).

اقول : هذا أيضا مردود بما عرفت من أنّ كلمة إنّما للحصر إجماعا ، والوليّ بمعنى المتولّي لحقوق النّاس قطعا. ويجوز أن يكون الحصر لدفع التردّد الواقع من بعضهم عند نزول الآية بين انحصار الولاية فى الله ورسوله واشتراكها بينهما وبين غيرهما على أن يكون القصر لتعيين الاشتراك كما انّ القصر فى قوله تعالى :  ﴿وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ قصر القلب بتحقيق اشتراك الرّسالة وعمومها لجميع النّاس وردّ اختصاصها بالعرب كما زعمته اليهود والنصارى ، على انّه يجوز أن يكون هذا القصر قصر الصّفة على الموصوف قصرا حقيقيّا ، ودفع التردّد والنّزاع وردّ الخطاء إنّما يشترك فى القصر الإضافى.

ومنها انّ ظاهر الآية ثبوت الولاية فى الحال ، ولا شبهة فى أنّ إمامة امير المؤمنين إنّما كانت بعد وفات النّبيّ (ص) فكيف تحمل الولاية على الإمامة.

اقول : هذا أيضا مردود بما عرفت مع أنّه لا مانع عن ثبوت الولاية فى الحال ، بل الظّاهر انّ المراد إثباتها على سبيل الدّوام بدلالة اسميّة الجملة وكون الولىّ صفة مشبّهة وهما دالّتان على الدّوام والثّبات ، ويؤيّد ذلك استخلاف النّبيّ لامير المؤمنين على المدينة فى غزوة تبوك وعدم عزله إلى زمان الوفاة ، فيعمّ الأزمان والأمور للإجماع على عدم الفصل ، على أنّه لا يبعد أن يكون الحصر لدفع التردّد والنّزاع الواقع فى الاستقبال وإثبات إمامة امير المؤمنين بعد وفاة النّبيّ بمعونة المقام.

ومنها انّ  ﴿الَّذِينَ صيغة الجمع فلا يحمل على الواحد إلّا بدليل ، وقول المفسّرين انّ الآية نزلت فى حقّه (ع) لا يقتضي اختصاصها به ، ودعوى انحصار الصّفات المذكورة فيه مبنيّة على جعل  ﴿وَهُمْ راكِعُونَ حالا عن فاعل  ﴿يُؤْتُونَ ومن الجائز أن يكون معطوفا على  ﴿يُقِيمُونَ الصَّلاةَ بمعنى يركعون فى الصّلاة لا كصلاة اليهود بلا ركوع ، وأن يكون حالا أو معطوفا بمعنى انّهم خاضعون فى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة أو فى جميع الاحوال.

اقول : هذا أيضا مردود بما عرفت من إجماع المفسّرين على أنّ الآية نزلت فى

۲۹۲