فإدراكه هو علمه بالمدركات ، وذلك هو المطلوب.

قال : السّادسة ، أنّه تعالى قديم أزليّ باق أبدى ، لأنّه واجب الوجود ، فيستحيل العدم السّابق واللّاحق عليه.

اقول : هذه الصّفات الأربعة لازمة لوجوب وجوده. فالقديم والأزليّ هو المصاحب بمجموع الأزمنة المحقّقة والمقدّرة بالنّسبة الى جانب الماضى. والباقى هو المستمرّ الوجود المصاحب لجميع الأزمنة. والأبدىّ هو المصاحب بجميع الأزمنة محقّقة كانت او مقدّرة بالنّسبة الى الجانب المستقبل. والسّرمديّ يعمّ الجميع. والدليل على ذلك هو انه قد ثبت انه واجب الوجود ، فيستحيل عليه العدم مطلقا ، سواء كان سابقا على تقدير ان لا يكون قديما ازليا ، أو لاحقا على تقدير ان لا يكون باقيا ابديّا. واذا استحال العدم المطلق عليه ، ثبت قدمه وازليّته وبقاؤه وابديّته ، وهو المطلوب.

قال : السّابعة أنّه تعالى متكلّم بالإجماع والمراد بالكلام الحروف والأصوات المسموعة المنتظمة. ومعنى أنّه تعالى متكلّم أنّه يوجد الكلام فى جسم من الأجسام. وتفسير الأشاعرة غير معقول.

اقول : من جملة صفاته تعالى كونه متكلّما ، وقد اجمع المسلمون على ذلك. واختلفوا بعد ذلك فى مقامات أربع : الأوّل ، فى الطّريق الى ثبوت هذه الصّفة.

وقالت الأشاعرة هو العقل. وقالت المعتزلة هو السّمع. وهو قوله تعالى  ﴿وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً وهو الحقّ لعدم الدليل العقلىّ ، وما ذكروه دليلا فليس بتامّ. وقد اجمع الأنبياء على ذلك ، وثبوت نبوّتهم غير موقوف عليه لجواز تصديقهم بغير الكلام ، بل موقوف على المعجزات ، ولا يلزم الدّور ، فيجب اثباته. الثّاني فى ماهيّة كلامه ، فزعم الأشاعرة أنّه معنى قديم قائم بذاته ، يعبّر عنه بالعبارات المختلفة المتغيّرة المغايرة للعلم والقدرة ، فليس بحرف ولا صوت ولا أمر ولا نهى ولا خبر ولا استخبار وغير ذلك

۲۹۲