انّه لو كان قديما لزم الكذب عليه واللّازم باطل ، فالملزوم مثله. بيان الملازمة انه اخبر بإرسال نوح فى الأزل بقوله :  ﴿إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ ولم يرسله إذ لا سابق على الازل ، فيكون كذبا. الرّابع ، انه يلزم منه العبث فى قوله :  ﴿أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ إذ لا مكلّف فى الأزل ، والعبث قبيح ، فيمتنع عليه تعالى. الخامس ، قوله تعالى :  ﴿ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ والذّكر هو القرآن ، لقوله :  ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وصفه بالحدوث فلا يكون قديما. فقول المصنّف ـ رحمه الله ـ وتفسير الأشاعرة غير معقول اشارة الى ما ذكرناه فى هذه المقدّمات.

قال : الثّامنة ، انّه تعالى صادق ، لأنّ الكذب قبيح بالضّرورة ، والله تعالى منزّه عن القبيح لاستحالة النّقص عليه.

اقول : من صفاته الثّبوتية كونه صادقا ، والصّدق هو الاخبار المطابق. والكذب هو الاخبار الغير المطابق ، لأنّه لو لم يكن صادقا لكان كاذبا ، وهو باطل ، لانّ الكذب قبيح ضرورة ، فيلزم اتّصاف البارى بالقبيح ، وهو باطل لما يأتى. وأيضا الكذب نقص ، والبارى تعالى منزّه عن النّقص.

قال : الفصل الثالث فى صفاته السّلبيّة ، وهى سبع :

الأولى ، أنّه تعالى ليس بمركّب ، وإلّا لكان مفتقرا إلى أجزائه ، والمفتقر ممكن.

اقول : لمّا فرغ من الثّبوتية شرع فى السّلبية ؛ وتسمّى الأولى صفات الكمال ، والثّانية صفات الجلال ، وإن شئت كان مجموع صفاته صفات جلال. فإنّ اثبات قدرته باعتبار سلب العجز عنه ، وإثبات العلم باعتبار سلب الجهل عنه ، وكذا باقى الصّفات. وفى الحقيقة المعقول لنا من صفاته ليس الا السّلوب والإضافات. وأمّا كنه ذاته ، و

۲۹۲