لكن لا نسلّم أن المعلّق على الممكن فى ذاته ممكن لجواز أن يكون الممكن فى ذاته محالا فى نفس الأمر ، والمحال فى نفس الأمر جاز أن يستلزم محالا كما انّ عدم العقل الأوّل يستلزم عدم الواجب لذاته. وإن أريد إمكان المعلّق عليه فى نفس الأمر فهو مسلّم ، لجواز ان يكون المعلّق عليه استقرار الجبل فى حالة التّجلّى الواقع بعد النّظر بدلالة ال فاء فى قوله تعالى  ﴿وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ ومن الجائز أن يكون استقرار الجبل فى تلك الحالة ممتنعا فى نفس الأمر لاقتضاء التّجلّى ذلك. ولقد بان من هذا البيان أنّ ما فى بعض الشروح من الاستدلال على استحالة رؤية البصريّة بذلك التعليق بناء على أنّ استقرار الجبل حال تحرّكه محال ، والمعلّق على المحال محال ضعيف جدّا كما لا يخفى.

وقد اعترض على الوجهين المذكورين بوجوه أخر لا نطول الكلام بايرادها.

الصّفة الخامسة من الصّفات السلبيّة نفى امكان الشّريك عنه أى كون إمكان الشّريك منفيا عنه تعالى ، بمعنى كونه تعالى بحيث لا يمكن له شريك وهو المقصود بالوحدانيّة الّتي هى أعظم أصول الدّين وحقيقة التّوحيد هى التصديق بأنّه تعالى واحد فى صفته كما انّه واحد فى ذاته ، وإلّا لكان الحكم بالوحدة لغوا ، وكأنّه المراد فى مثل قوله تعالى :  ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ، والصّفة الّتي يعتبر الوحدة فيها فى الشّرع على ما يستفاد من كلام بعض المحقّقين ثلاث : الوجوب الذّاتي ، والخالقيّة أى الصّنع على وجه الكمال ، والقدرة التّامّة والمعبودية أى استحقاق العبادة. فالوحدانيّة. إمّا انتفاء الشّريك فى الوجوب الذّاتي وفى الصّنع على وجه القدرة التامّة ، أو فى استحقاق العبادة

والمخالف فى الأخير جمع المشركين من الوثنيّة وغيرهم ، وفى الأوّلين الثّنوية منهم المانويّة والدّيصانية والمجوس فإنّهم قالوا بوجود واجبين أحدهما خالق الخير والآخر خالق الشّر إلّا انّ المجوس ذهبوا الى إنّ خالق الخير هو يزدان وخالق الشّرّ اهرمن أى الشّيطان. والمانويّة والدّيصانيّة إلى أن خالق الخير هو النّور وخالق الشّر هو الظلمة على ما يستفاد من شرح المواقف. والظاهر من عبارة الكتاب أن المراد هاهنا نفى الشّريك فى وجوب الوجود حيث قال فى تقرير الدّليل الثّاني : لاشتراك الواجبين فى

۲۹۲