صفاته ، فمحجوب عن نظر العقول ، ولا يعلم ما هو الّا هو. وقد ذكر المصنّف سبعا : الأولى ، انه ليس بمركّب. والمركّب هو ماله جزء ، ونقيضه البسيط ، وهو ما لا جزء له. ثمّ التّركيب قد يكون خارجيّا كتركيب الأجسام من الجواهر الأفراد. وقد يكون ذهنيا كتركيب الماهيّات والحدود من الأجناس والفصول. والمركّب بكلا المعنيين مفتقر الى جزئه ، لامتناع تحقّقه وتشخّصه خارجا وذهنا بدون جزئه وجزئه غيره ؛ لانّه يسلب عنه ، فيقال الجزء ليس بكلّ ، وما يسلب عنه الشّيء فهو مغاير له فيكون مركّبا مفتقرا الى الغير ، فيكون ممكنا. فلو كان البارى جلّت عظمته مركّبا ، لكان ممكنا وهو محال.

قال : الثّانية ، أنّه ليس بجسم ولا عرض ولا جوهر ، وإلّا لافتقر إلى المكان ، ولامتنع انفكاكه من الحوادث ، فيكون حادثا وهو محال.

اقول : البارى تعالى ليس بجسم خلافا للمجسمة. والجسم هو ماله طول وعرض وعمق. والعرض هو الحالّ فى الجسم ، ولا وجود له بدونه. والدّليل على كونه ليس بجسم ولا عرض وجهان : الأوّل ، انّه لو كان أحدهما ، لكان ممكنا ؛ واللّازم باطل ، فالملزوم مثله. بيان الملازمة ، انّا نعلم بالضّرورة أنّ كلّ جسم فهو مفتقر الى المكان ، وكلّ عرض مفتقر الى المحلّ والمكان والمحلّ غيرهما ، والمفتقر الى غيره ممكن. فلو كان البارى تعالى جسما أو عرضا ، لكان ممكنا. الثّاني ، أنّه لو كان جسما لكان حادثا وهو محال. بيان الملازمة ، ان كلّ جسم فهو لا يخلو من الحوادث ، وكلّ ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث. وقد تقدّم بيانه فلو كان جسما لكان حادثا ، لكنّه قديم فيجتمع النقيضان.

قال : ولا يجوز أن يكون فى محلّ ، وإلّا لافتقر إليه ؛ ولا فى جهة ، وإلّا لافتقر إليها.

اقول : هذان وصفان سلبيّان : الأوّل ، انّه ليس فى محلّ خلافا للنصارى وجمع

۲۹۲