المتجدّد فيما ذكروه هو التّعلّق الاعتباريّ ، فان عنوا ذلك فمسلّم وإلّا فباطل لوجهين : الأوّل ، لو كانت صفاته حادثة متجدّدة لزم انفعاله وتغيّره ، واللّازم باطل ، فالملزوم مثله. بيان اللّازم من وجهين : الأوّل ، انّ صفاته ذاتيّة فتجدّدها مستلزم لتغيّر الذّات ، وانفعالها. الثّاني ، انّ حدوث الصّفة يستلزم حدوث قابليّة فى المحلّ لها ، وهو مستلزم لانفعال المحلّ وتغيّره ، لكن تغيّر ماهيّته تعالى وانفعالها محال ، فلا يكون صفاته حادثة وهو المطلوب. الثّاني ، انّ صفاته تعالى صفات كمال لاستحالة النّقص عليه ، فلو كانت حادثة متجدّدة لزم خلوّه من الكمال ، والخلوّ من الكمال نقص تعالى الله عنه.

قال : الرّابعة ، أنّه تعالى يستحيل عليه الرّؤية البصريّة ، لأنّ كلّ مرئى فهو ذو جهة ، لأنّه إمّا مقابل أو فى حكم المقابل بالضّرورة ، فيكون جسما وهو محال ، ولقوله تعالى :  ﴿لَنْ تَرانِي ولن النّافية للتّأبيد.

اقول : ذهب الحكماء والمعتزلة الى استحالة رؤيته بالبصر لتجرّده ، وذهب المجسّمة والكرّاميّة الى جواز رؤيته بالبصر مع المواجهة. وأمّا الأشاعرة فاعتقدوا تجرّده ، وقالوا بصحّة رؤيته ، وخالفوا جميع العقلاء. وتحذلق بعضهم وقال ليس مرادنا بالرّؤية الانطباع ، أو خروج الشّعاع ، بل الحالة التى تحصل من رؤية الشّيء بعد حصول العلم به. وقال بعضهم معنى الرّؤية هو أن ينكشف لعباده المؤمنين فى الآخرة انكشاف البدر المرئىّ. والحقّ انّهم ان عنوا بذلك الكشف التّام فهو مسلّم ، فإنّ المعارف تصير يوم القيمة ضروريّة ، والّا فلا يتصوّر منه الا الرؤية ، وهو باطل عقلا وسمعا. أمّا عقلا فلانّه لو كان مرئيا ، لكان فى جهة فيكون جسما ، وهو باطل لما تقدّم.

بيان الأوّل ، انّ كلّ مرئىّ ، فهو إمّا مقابل أو فى حكم المقابل ، كالصّورة فى المرآة ، وذلك ضرورىّ ، وكلّ مقابل أو فى حكمه فهو فى جهة ، فلو كان البارى تعالى مرئيا لكان فى

۲۹۲