كمفهوم الشخص والفرد والمصداق ، فهي تحكي في مقام اللحاظ عن الافراد والمصاديق بوجه وعلى نحو الإجمال ، وتصورها في نفسها تصور لها بوجه وعنوان. وبتعبير آخر : ان مرآتيتها للافراد والأشخاص ذاتية لها فتصورها لا محالة تصور لها إجمالا بلا إعمال عناية في البين. فإذا تصورنا مفهوم ما ينطبق عليه مفهوم الإنسان ـ مثلا ـ فقد تصورنا جميع افراده بوجه ، ومن ثم جاز الحكم عليها في القضية الحقيقية ، فلو لم يحك المفهوم عن افراده لاستحال الحكم عليها مطلقا مع ان الاستحالة واضحة البطلان » (١). والناظر في هذا الكلام لا يرى اختلافا بينه وبين ما أفاده المحقق العراقي الا في التعبير ، فجواباهما يرجعان إلى مطلب واحد ومفاد متحد.

ولكنه قاصر عن رفع المحذور المقرر ، وإثبات معقولية الوضع العام والموضوع له الخاصّ ، ما لم ينضم إليه ما ذكرناه من الاستعانة في الوضع بالإشارة الذهنية إلى واقع الافراد والمصاديق.

وذلك : فان هذه المفاهيم المنتزعة عن الخصوصيات المنطبقة عليها ـ بتعبير ـ ، والكاشفة عنها كشفا ذاتيا ـ بتعبير آخر ـ ، مفاهيم عامة وضع بإزائها بعض الألفاظ الدالة عليها كلفظ الفرد والشخص ونحوهما.

ومن الواضح ، ان وضع هذه الألفاظ بإزاء هذه المفاهيم من الوضع العام والموضوع له العام ، لعموم الملحوظ والموضوع له.

ففيما نحن فيه ، لو لاحظ الواضع أحد هذه المفاهيم العامة ، ووضع اللفظ بإزاء الافراد بلا توسيط الإشارة الذهنية إليها بل اكتفي بلحاظ المفهوم وحده فقط ، فقال مثلا : « وضعت اللفظ الكذائي لفرد الإنسان » كان الموضوع له عاما لا خاصا ، إذ الوضع دائما يكون بإزاء الكلي والمفهوم العام لا نفس الافراد ، ويكون حال الوضع هاهنا حال وضع الألفاظ الخاصة بإزائها في كونه من الوضع

__________________

(١) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ١ ـ ٥٠ ـ الطبعة الأولى.

۵۲۸۱