المقام الأول : في مقتضى الأصل اللفظي.
فنقول : انه ان تصورنا إمكان تعلق الحكم بفعل الغير التسبيبي بحيث يمكن التخيير شرعا بينه وبين الفعل المباشري ، بالتقريب الّذي قدمناه من استناد الوجود إلى المسبب وان لم ينسب إليه الفعل ، كان الشك في اعتبار المباشرة أو عدم اعتبارها من الشك في التعيين والتخيير ، لأنه يشك في تعلق التكليف بخصوص الفعل المباشري أو به وبالفعل التسبيبي بنحو التخيير بينهما ، وقد تقرر في محله ـ كما سيأتي إن شاء الله تعالى ـ انه مع دوران الأمر بين التعيين والتخيير فالإطلاق يقتضي التعيين ونفي التخيير ، ولا كلام فيه.
وان لم نلتزم بإمكان التخيير بين فعل الشخص وفعل الغير التسبيبي ، كما لا يلتزم بإمكانه بينه وبين فعل الغير التبرعي فمرجع سقوط الوجوب عن الشخص بفعل الغير ـ على تقدير قيام الدليل عليه ـ ليس هو أخذه بنحو الواجب التخييري وكونه عدلا للوجوب ، بل إلى انه محقق لملاك الحكم ومحصل لغرضه فيسقط الأمر لحصول غرضه وتبعية وجوده للغرض كما لا يخفى. وعليه فمع إتيان الغير بالفعل يشك في سقوط التكليف بفعل الغير وارتفاعه ، ومقتضى إطلاق الدليل ، ثبوت التكليف مطلقا حتى في حال إتيان الغير بالفعل ، فالإطلاق يقتضي المباشرة. وعدم كفاية التسبيب أو التبرع من الغير.
والمقام الثاني : في مقتضى الأصل العملي.
اما في المورد الأول ـ أعني ما كان الشك فيه من الشك في التعيين والتخيير ـ : فحيث انه من موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، فهو يتبع ما يختار في تلك المسألة من أصالة البراءة أو الاحتياط. والّذي ثبت بالتحقيق هو اختيار الاحتياط الّذي يقضي بالتعيين وعدم كفاية الفعل الآخر المشكوك.
وعلى كل ، فالجزم به هنا تابع لما يجزم به في تلك المسألة ، فان المورد من مصاديقها.