وإطاعته وموافقة أوامره مضاف إلى المولى ومرتبط به ، لأنه قد أتى به بداعي امتثال امره ، فهو مقرب وعبادة بلا كلام ، ولا يخفى ان الأمر العبادي ما يسقط بالإتيان بمتعلقه بنحو عبادي وقربي ، فيسقط الأمر الثاني غير المقصود ، إذ قد جيء بمتعلقه بنحو عبادي وقربي وان لم يربط بالمولى من طريقه ولا دليل على أكثر من ذلك.
واما مورد توهم الأمر ، فحيث ان الأمر المقصود امتثاله لا وجود له فلا يتعنون الفعل بعنوان موافقة الأمر ولا يكون الفعل في نفسه ذا عنوان حسن ولا يكون في البين سوى صفة الانقياد الحسنة ، فان قلنا بان الانقياد من صفات الفعل فيكون الفعل به حسنا ، اكتفي بالفعل في امتثال الأمر الموجود غير المقصود لوقوعه بنحو عبادي مقرب ، فيكون قد أتى بمتعلق الأمر بنحو عبادي. واما إذا قلنا ـ كما هو الحق على ما عرفت ـ بان الانقياد من صفات الفاعل لا الفعل لم يكن الفعل بنفسه عباديا ومقربا ، فلا يكفي في سقوط الأمر فلاحظ جيدا وتدبر.
هذا تمام الكلام في الواجب التعبدي والتوصلي بالمعنى الأول ـ أعني ما لا يسقط الأمر به إلا بالإتيان به بقصد القربة ويقابله التوصلي ـ.
ويقع الكلام فعلا في التعبدي بالمعنى الثاني ، وهو ما أشرنا إليه في صدر المبحث من : انه ما لا يسقط به الأمر إلا بالمباشرة وان يكون عن إرادة واختيار. وان لا يكون بفعل محرم. ويقابله التوصلي وهو ما يسقط به الأمر ولو لم يكن بالمباشرة ، أو عن إرادة واختيار. أو بفعل غير محرم. وموضوع الكلام هو ان مقتضى الأصل في الواجبات هل يقتضي المباشرة ، أو الإرادية أو عدم تحققه بفعل محرم أو لا؟ ، فيقع الكلام في مقامات ثلاثة :
المقام الأول : في ان مقتضى الأصل الأولي في الواجب هل هو المباشرة فلا يسقط الأمر بفعل الغير أو لا؟.