المطابق له فليس يتصف بعنوان التشريع إذ لا ينطبق عليه تعريفه. فالتشريع صفة وعنوان للفعل النفسيّ أعني البناء والالتزام بان هذا حكم الله وليس من صفات الفعل المأتي به خارجا الّذي هو موضوع التشريع.
ويشهد لما ذكرنا : انهم استدلوا (١) على حرمة التشريع بالآية الكريمة : ﴿ قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ﴾ (٢) ، مع ان الافتراء على الله انما يكون بنسبة امر له غير صادر منه ، وليس الافتراء يتحقق بالفعل الخارجي ، بل يتحقق بالكذب على الله اما قولا أو بناء والتزاما كما لا يخفى.
وبالجملة : التشريع مساوق للبدعة المتحققة بإثبات حكم في الشريعة غير ثابت عن الله ، وهو أجنبي عن موضوع الحكم المجهول ومتعلقه الخارجي. فكون التشريع من صفات النّفس والفاعل لا الفعل أمر ظاهر جدا ، فلاحظ وتدبر.
تذييل : هل يعتبر في صحة العبادة ومقربيتها وسقوط الأمر بها إضافتها إلى المولى من طريق الأمر الثابت المقصود امتثاله وإسقاطه ، أو لا يعتبر ذلك ، بل يكفي في سقوط الأمر وقوع العبادة بنحو قربي وبداع مقرب وان لم يكن بإضافته من طريق الأمر؟.
بيان ذلك : ان الأمر العبادي لا إشكال في سقوطه بالإتيان بمتعلقه بقصد امتثاله وإطاعته ، ولكنه هل يعتبر ذلك في سقوطه ، أو انه يكفي فيه الإتيان بمتعلقه مع ربطه بالمولى وإضافته إليه ولو لا من طريق هذا الأمر بل بطريق غيره؟. والكلام يقع في موردين :
المورد الأول : موارد التداخل ، كما إذا تعلق أمران بطبيعة واحدة ولم يكن
__________________
(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٣٣ ـ الطبعة الأولى.
(٢) سورة يونس الآية : ٥٩.