مندفعة : بان المحقق عدم إمكان أخذ قصد القربة في المتعلق ، وهذا لا يلازم عدم إمكان بيان عدم دخله في الغرض ولو بالجملة الخبرية ، فيمكن للمولى بيان ذلك بنحو الإخبار كما لا يخفى (١).

والإنصاف : ان ما حمل عليه كلام الكفاية خلاف ظاهر الكفاية جدا. مضافا إلى ان الّذي يخطر بالبال فعلا ان الوجه في نفي صاحب الكفاية إجراء البراءة العقلية في مسألة الأقل والأكثر ليس هو الشك في حصول الغرض بدون المشكوك ، فيلزم الإتيان به تحصيلا للغرض ، بل من باب العلم الإجمالي بان متعلق التكليف اما الأقل أو الأكثر وعدم انحلال هذا العلم الإجمالي المانع من جريان البراءة عقلا لعدم كون العقاب بلا بيان بعد وجود العلم الإجمالي. وهذا المعنى كما لا يخفى لا ينطبق على ما نحن فيه ، إذ لا علم إجماليا بل يعلم تفصيلا بعدم أخذ قصد القربة في المتعلق ، فالمسألة في الحقيقة يختلف موضوعا عن مسألة الأقل والأكثر ، لأن متعلق التكليف معلوم الحدّ ولا شك فيه. نعم الأمر يدور بين الأقل والأكثر في مقام الامتثال لا في متعلق التكليف.

والحاصل : ان إجراء أصالة الاشتغال ليس من باب كون المقام من قبيل المسببات التوليدية العبادية ولا من باب لزوم تحصيل الغرض ، بل من جهة أخرى وهي لزوم إطاعة امر المولى. بيان ذلك : انه بعد تعلق الأمر بذات العمل فقط دون قصد القربة ، يشك في ان الأمر هل يسقط بمجرد الإتيان بالفعل أو لا بد من ضم قصد القربة إليه؟. ومنشأ الشك هو الشك في حصول الغرض بدون قصد القربة ، فانه يوجب الشك في سقوط الأمر لأن الأمر معلول للغرض والمعلول تابع لعلته وجودا وعدما. فإذا تحقق الشك في سقوط الأمر لزم الاحتياط تحصيلا للعلم اليقيني بالامتثال والإطاعة ، فانه حكم عقلي مسلم من باب لزوم

__________________

(١) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ٢ ـ ١٩٣ ـ الطبعة الأولى.

۵۲۸۱