اعتباره رئيسا عليهم.
فاللازم الظاهر الّذي يختلف فيه الأمر الحقيقي التكويني مع الأمر الجعلي الاعتباري ، هو ان اختلاف النّظر في الأمر الحقيقي لا يوجب تغيرا فيه ، بل هو على واقعه واختلافه في الأمر الجعلي يوجب تبدله وتغيره.
وبعبارة جامعة : ان الأمور الاعتبارية تختلف باختلاف الأنظار دون الأمور الواقعية الحقيقية ، فانها لا تختلف باختلاف الأنظار ، وان اختلفت فيها الأنظار.
ثم ان الأمور الحقيقية على نحوين :
الأول : ما يكون لها وجود في الخارج ، ويعبر عنه بما يكون الخارج ظرفا لوجوده ، وهي المقولات العشر الجوهر والاعراض التسعة.
الثاني : ما لا وجود له منحازا ولا ما بإزاء ، ويعبر عنه بما يكون الخارج ظرفا لنفسه كالملازمات العقلية ، فان الملازمة بين شيئين من الأمور الحقيقية التي لها تقرر في نفس الأمر ولا ترتبط بجعل جاعل ، إلاّ انه لا وجود لها في الخارج ينحاز عن وجود المتلازمين.
إذا عرفت هذا فنقول : ان المراد من كون الوضع والارتباط الخاصّ بين اللفظ والمعنى من الأمور الحقيقية.
إن كان انه من النحو الأول الّذي له وجود في الخارج ، فهو ممتنع. إذ قد عرفت ان ما يكون بهذا النحو لا يخرج عن المقولات العشر وليس الارتباط من أحدها ، أما عدم كونه من الجواهر فبديهي ، إذ لا وجود لشيء بين اللفظ والمعنى من قبيل الجسم ونحوه من الجواهر كي يعبر عنه بالارتباط.
وأما عدم كونه من المقولات العرضية ، فلأن وجود المقولات يتقوم بالموجودات ، بمعنى انه لا وجود لها الا في ضمن الموجود ، والمفروض ان الارتباط المدعى كونه من الأمور الحقيقية انما هو بين طبيعي اللفظ والمعنى ، لا بين اللفظ