غيره من الواجبات غير العبادية في مقام الامتثال وإسقاط التكليف ، وإذا لم يكن القصد اختياريا فكيف يتعلق به الإلزام؟ ، سواء كان من العقل أو الشرع.

وثانيا : إنكار عدم اختياريته ، فان ذلك يبتني على الخلط والاشتباه في المراد منه ، فان القصد يطلق ويراد به تارة : ما يرادف الإرادة والاختيار. وأخرى : ما يرادف الداعي والباعث فيقال قصدي من هذا الفعل كذا. ومن الواضح ان المراد بقصد امتثال الأمر ليس الإرادة بل الداعي ، بمعنى ان الإتيان بالمأمور به حيث يترتب عليه موافقة الأمر وامتثاله يكون الإتيان بداعي حصول الموافقة والامتثال والتقرب إلى المولى ونحو ذلك.

فالمراد (١) بالقصد هو هذا المعنى لا الإرادة ، لأن امتثال الأمر من المسببات التوليدية فلا تتعلق بها الإرادة ، بل انما تتعلق بالسبب بداعي تحقق المسبب. ومن الواضح أن الداعي يمكن تعلق الأمر به ، فان الأمر كثيرا ما يتعلق بما يتقوم بالداعي كالتعظيم ونحوه مما يتقوم بالإتيان بالفعل بداعي التعظيم ولا إشكال في اختياريته.

وثالثا : إنكار عدم اختيارية الإرادة ، والالتزام بما التزم به المتكلمون من أن اختيارية الأشياء بالإرادة واختيارية الإرادة بنفسها بواسطة الالتزام بوجه من الوجوه التي ذكروها لذلك ، وإلاّ لوقع الإشكال في اختيارية الأفعال باعتبار استنادها إلى ما ليس بالاختيار.

__________________

(١) علل سيدنا الأستاذ ( دام ظله ) في مجلس الدرس إرادة هذا المعنى من القصد دون الإرادة : بان الإرادة انما تتعلق بفعل الشخص نفسه لا بفعل غيره ، فلا معنى لتعلقها بالأمر ، لأنه فعل المولى فلو أريد من القصد الإرادة لم يكن معنى لقولهم قصد الأمر.

لكنه عدل عن ذلك بعد مذاكرته ، لأن المفروض الإتيان بالفعل بقصد امتثال الأمر لا بقصد الأمر ، والامتثال أمر اختياري ومن فعل الشخص نفسه. مضافا إلى أن قصد الأمر لا معنى له مطلقا ، ولو أريد من القصد الداعي ، لأن الأمر لا يترتب على الفعل ، والداعي ما يترتب خارجا على الفعل ، وانما يكون بوجوده الذهني سابقا عليه ، فتأمل. ( منه عفي عنه )

۵۲۸۱