بل ليس المقصود إلا هذه الألفاظ الخاصة ، يعد استهزاء عرفا. فتأمل.
وإذا تبين ان جميع هذه الأمور لا تصلح للداعوية ما عدا الاستهزاء ـ على إشكال فيه ـ فلا وجه لأن يقال : ان الصيغة هنا مستعملة في معناها ، ولكن لا بداعي البعث والتحريك بل بداع آخر.
فالأولى ان يقال في هذه الموارد : ان الصيغة مستعملة فيها في معناها الحقيقي وبداعي البعث والتحريك ، إلا ان موضوع التكليف مقيد ، فالتكليف وارد على الموضوع الخاصّ لا مطلق المكلف ، ففي مورد التعجيز يكون التكليف الحقيقي معلقا على قدرة المكلف بناء على ادعائه ، فيقال له في الحقيقة : « ان كنت قادرا على ذلك فأت به » ، فحيث انه لا يستطيع ذلك ولا يقدر عليه لا يكون مكلفا ، لا بلحاظ عدم كون التكليف حقيقيا ، بل بلحاظ انكشاف عدم توفر شرط التكليف فيه وعدم كونه مصداقا لموضوع الحكم ، فموضوع الحكم هاهنا هو القادر لا مطلق المكلف. وهكذا يقال في التهديد فان الحكم فيه مشروط بمخالفة الأمر في مكروهة وما لا يرضى بفعله وعدم الخوف من عقابه ، فيقول له : « افعل هذا إذا كنت لا تخاف من العقاب ومصرا على فعل المكروه عندي » ، فالموضوع خاص في المقام ، وهكذا الكلام في البواقي.
ومثل هذا يقال في الأوامر الواردة في أجزاء الصلاة ، فان المشهور على انها أوامر إرشادية تتكفل الإرشاد إلى جزئية السورة مثلا وغيرها.
ولكن للفقيه الهمداني تحقيق فيها لا بأس فيه وهو : انها أوامر مولوية حقيقية إلا انها واردة على موضوع خاص ، وهو من يريد الإتيان بالمركب الصلاتي كاملا وعلى وجهه ، فكأنه قيل لهذا الشخص : « ائت بالسورة » ، فمن لا يريد ذلك لا يكلّف بهذا التكليف ، فالامر مولوي لكن موضوعه خاص (١).
__________________
(١) الهمداني الفقيه آغا رضا. مصباح الفقيه ـ ١٣٣ كتاب الصلاة ـ الطبعة الأولى.