ينكره أحد ، فان كل شخص حين يحمل المحمول على الموضوع خارجا ، لا بد له من لحاظ الموضوع والمحمول والجزم بان هذا ذاك في نفسه ، والبناء على ذلك ، والتصديق به ، وكل من التصور والجزم أو الحمل أو الحكم ـ بأي لفظ يعبر عما يجده في النّفس حال الحمل ـ من موجودات النّفس ومخلوقاتها. وقد أشار إلى هذا المعنى أمير المؤمنين عليهالسلام في قوله : « كلما ميزتموه بأوهامكم في أدق معانيه فهو مخلوق لكم مردود إليكم » (١).
وعليه ، فيمكن ان يدعى كونه كلاما نفسيا مدلولا للكلام اللفظي.
والإشكال فيه : بان الموجود الخارجي أو الذهني غير قابل للمدلولية وانما هي شأن الماهيات ، لأن المدلولية مرجعها إلى انتقال المعنى إلى الذهن بواسطة اللفظ والموجود غير قابل للانتقال ، كما تقدم من ان المماثل لا يقبل المماثل والمقابل لا يقبل المقابل.
يمكن التخلص عنه : بان استعمال اللفظ وإرادة الموجود الخارجي منه كثيرا ما يقع في الكلام ، كاستعمال الاعلام أو استعمال اللفظ الموضوع للكلي وإرادة فرد منه معين. ويصحح ذلك : بان الموضوع له والمدلول للفظ هو نفس الماهية الكلية أو الجزئية وإرادة الفرد المعين والموجود المتميز بالتطبيق. فليكن ما نحن فيه كذلك ، فالكلام اللفظي يكون دالا على نفس المفهوم وذاته لا بما انه موجود وإرادة ما هو موجود في النّفس منه من باب التطبيق لا الاستعمال والكشف والحكاية.
وعليه ، فالالتزام بوجود فعل للنفس يسمى بالكلام النفسيّ ، وهو الجزم والحكم ، ويكون مدلولا للكلام اللفظي ، لا نرى فيه محذورا.
ولكن ما ذكرناه يختص بالجمل الخبرية كما لا يخفى ، إذ الحكم والتصديق
__________________
(١) والكلام للإمام محمد الباقر عليهالسلام كما في حق اليقين ١ ـ ٤٧ للسيد الشبر.