مرادفتهما الموجب لصحة استعمال كل منهما في كل موضع يستعمل فيه الآخر ، مع ان الأمر ليس كذلك ، فان هناك موارد يستعمل فيها الشيء ولا يستعمل فيها الأمر ، كالأعيان الخارجية ، فانه لا يقال : « رأيت أمرا » إذا رأى فرسا ، مع انه يقال : « رأيت شيئا » فان الأمر يختص في صدقه بالصدق على الأفعال. كما ان من موارد استعمال الأمر ما لا يحسن إرادة الشيء فيه كقولك : « امر فلان غير مستقيم » ، فانه لا يحسن أن يقال : « شيء فلان غير مستقيم » (١).

واختار المحقق النائيني قدس‌سره : ان معنى الأمر هو الطلب والواقعة ذات الأهمية في الجملة ، ثم تدرّج وادعى إمكان القول بان الأمر بمعنى الطلب من مصاديق الواقعة ذات الأهمية ، لأن الطلب من الأمور التي لها أهمية. وعليه فللأمر معنى واحد يندرج فيه الكل ، وهو الواقعة ذات الأهمية ، وهو ينطبق تارة على الطلب. وأخرى على الغرض. وثالثة على الحادثة. وهكذا. نعم هو لا يستعمل في الجوامد بل في خصوص الأفعال والصفات. وقد ذكر قدس‌سره بان تصوير الجامع القريب بين الجميع وان كان صعبا ، لكننا نرى بالوجدان ان الاستعمال في جميع الموارد بمعنى واحد ، فيكون الاشتراك اللفظي أبعد (٢).

ولكن الإنصاف يقتضي عدم تمامية ما ذكر ، إذ يرد عليه :

أولا : انه من الواضح استعمال لفظ الأمر فيما لا أهمية له من الوقائع بلا لحاظ عناية وعلاقة ولا وجود مسامحة بحسب النّظر العرفي ، فيقال : « هذا الأمر لا أهمية له » ، فدعوى كون الموضوع له هو الواقعة ذات الأهمية ممنوعة.

وثانيا : ان لفظ الأمر يجمع بنحوين : الأول : بنحو أوامر. والآخر : بنحو أمور. وهذا التعدد يكشف عن تعدد معنى الأمر بحيث يختلف الجمع لاختلاف

__________________

(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ١٠٣ ـ الطبعة الأولى.

(٢) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٨٦ ـ الطبعة الأولى.

۵۲۸۱