باعتبار التلبس وقيام المبدأ بالذات في صدق المشتق ، ودفع توهم من توهم عدم اعتباره لأجل صدقه في موارد لا يقوم المبدأ فيها بالذات ، كالضارب والمؤلم فان الضرب والألم يقومان بالمضروب والمؤلم ، مع ان صدق الضارب والمؤلم على من صدر منه الضرب والألم حقيقي لا إشكال فيه ـ : بان أنحاء القيام والتلبس تختلف باختلاف أنحاء المبادي وأطوارها ، فتارة : يكون القيام صدوريا. وأخرى : حلوليا. وثالثة : بنحو الوقوع عليه. ورابعة : بنحو الوقوع فيه. وخامسة : يكون بنحو الانتزاع. وسادسة : يكون بنحو الاتحاد خارجا. فالقيام على أنحاء ، ومنه القيام بنحو الاتحاد خارجا كما في صفات الباري تعالى ، فان العلم قائم بذاته ، لكن قيامه بنحو العينية والاتحاد. وعدم اطلاع العرف على مثل هذا النحو من التلبس وكونه بعيدا عن الأذهان العادية لا يضر صدقها عليه ، مع وجود مفهوم صالح للصدق عليه حقيقة ولو بعد الدقة والتأمل العقلي ، فان العرف مرجع في تشخيص المفاهيم دون المصاديق وما ينطبق عليه المفهوم (١).

وأنت خبير بان ما ذكر صاحب الكفاية من صدق التلبس في صفات الله عزّ اسمه وتحقق القيام وانه نحو قيام لا يدرك إلا بالدقة ، امر لا يعدو هذه الألفاظ ومعانيها ، وإلاّ فهو غير قابل للتصور والتسليم بعد ان عرفت ان التلبس يستتبع النسبة بين الذات والمبدأ ويتقوم بها ، والنسبة تتوقف على وجود اثنينية وتغاير بين المنتسب والمنتسب إليه ولا اثنينية بين صفات الله وذاته فلا تتصور النسبة والتلبس بينهما ، ففرض وجود التلبس والقيام بنحو خاص وهو القيام بنحو الاتحاد أمر لا يسهل التسليم به ولا يعرف كنهه. وما ذكره قدس‌سره أشبه بالفرار عن الإشكال والانحراف به إلى عالم آخر وجهة ثانية. فتأمل.

وقد تصدى المحقق الأصفهاني (ره) لدفع الإيراد المزبور : بعنوان توضيح

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٥٧ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۵۲۸۱