والإنصاف : ان الحكم بعدم جريانه على إطلاقه ممنوع ، بل يختلف باختلاف موارده ، فالمورد الّذي يرى العرف تقوم الموضوع ومعروض الحكم بالعنوان بحيث يكون العنوان في نظره من الجهات التقييدية ، نظير جواز تقليد المجتهد ، يمتنع إجراء الاستصحاب للشك في بقاء معروض الحكم ، واما المورد الّذي يرى العرف ان الحكم ثابت للذات وان معروض الحكم هو نفس الذات وان العنوان جهة تعليلية للحكم نظير وجوب إكرام العالم ، فان الإكرام يعرض على نفس الذات ، لم يمتنع إجراء الاستصحاب لإحراز بقاء الموضوع ، إذ ليس المراد بالموضوع الا معروض الحكم لا كل ما كان دخيلا في ثبوت الحكم.
وقد أوضحنا الكلام في الجهتين في الأمر الأول من خاتمة الاستصحاب في الدورة السابقة فلاحظ.
ولعل نظر المحقق صاحب الكفاية في إجراء استصحاب الحكم مع التزامه باعتبار بقاء الموضوع في باب الاستصحاب إلى النحو الثاني ، فتدبر (١).
وبعد هذا كله شرع صاحب الكفاية في تحقيق الحق في المسألة وبيان ان الموضوع له هل هو خصوص المتلبس ـ كما ذهب إليه الأشاعرة ومتأخرو الأصحاب ـ ، أو الأعم منه وممن انقضى عنه المبدأ ـ كما ذهب إليه المعتزلة ومتقدموا الأصحاب ـ؟. وقد أشار قدسسره إلى تفرع الأقوال وتكثرها
__________________
(١) في نفي أصالة عدم ملاحظة الخصوصية يقال : ان جريان الأصل يتوقف على ..
أولا : على كون الحكم المردد موضوعه انحلاليا بلحاظ قيد المشكوك ، كالوجوب المتعلق بالمركب ، اما إذا لم يكن انحلاليا كإمضاء المعاملة المرددة بين كونها مطلق البيع أو البيع الخاصّ ، فان إمضاء البيع الخاصّ لا ينحل إلى إمضاء ذات البيع وإمضاء الخصوصية كي يكون هناك قدر متيقن.
وثانيا : على كون التردد. بالإطلاق والتقييد كالتردد بين العالم والعالم العادل. اما إذا كان التردد بالتباين نظير زيد والإنسان ، لأن زيد ليس عبارة عن كلي وإضافة ، فلا يجري الأصل أيضا لعدم القدر المتيقن.
والوضع للمتلبس من هذا القبيل ، فانه ليس مما يقبل الانحلال أولا فهو كالإمضاء ، والأعم والمتلبس متباينان مفهوما وليست النسبة هي الأقل والأكثر فلاحظ.