التعريف الّذي اخترناه ـ ، اما ان يكون ما يقع في طريق الاستنباط أو ما يرتفع به التحير والتردد مطلقا ولو كان بالواسطة ، بمعنى ان يتخلل بينه وبين استنباط الحكم بعض المسائل الأخرى. أو يكون ما يقع في طريق الاستنباط أو يرتفع به التردد في مقام العمل مباشرة وبلا واسطة ، بحيث يترتب عليها الحكم الشرعي رأسا. وكل من التقديرين يستلزم محذورا.
اما التقدير الأول : فلأنه يستلزم دخول كثير من القواعد الفلسفية واللغوية والمنطقية وغيرها في مسائل الأصول ، لوقوعها في طريق تنقيح بعض القواعد الأصولية ، فيترتب عليها الاستنباط ويرتفع بها التحير بالواسطة.
واما التقدير الثاني : فلأنه يستلزم خروج كثير من المسائل المحررة في كتب الأصول عن علم الأصول. كمسألة الصحيح والأعم ، ومسألة المشتق ومسألة اجتماع الأمر والنهي ، ومسألة ان الأمر ظاهر في الوجوب أو لا ، ومسألة العام والخاصّ في بعض الحالات ، ومسائل المفاهيم.
توضيح ذلك : ان المبحوث عنه في مسألة الصحيح والأعم ، وهو ثبوت وضع اللفظ الشرعي إلى المعاني الشرعية وعدمه ، لا يترتب عليه مباشرة الحكم الشرعي ، إذ لا يعدو هذا البحث البحث عن أمر لغوي. وانما تترتب عليه مسألة أصولية ، وهي جواز التمسك بالإطلاق على القول بالأعم وعدم جوازه على القول بالصحيح. بتقريب : ان أساس التمسك بالإطلاق ـ قبل ملاحظة تمامية مقدمات الحكمة ـ هو إحراز صدق عنوان المطلق على الفرد الفاقد للخصوصية المشكوك من جهة أخذها في متعلق الحكم ، فمع القول بالصحيح يكون اللفظ مشكوك الصدق على الفاقد للخصوصية المشكوكة ، باعتبار ان كل ما له دخل في متعلق الحكم له دخل في صدق اللفظ. بخلاف القول بالأعم ، لأن يصدق المطلق على الفاقد لا يتوقف على إحراز عدم دخل الخصوصية في المتعلق ، لأنه يصدق على الأعم من واجد الاجزاء والشرائط بتمامها والفاقد لبعضها فليكن هذا منها ،