ذهنه ، ثم بعد ان ينظمها بالنظم الخاصّ في ذهنه يلقيها خارجا بتلك الصورة ، فالموجود خارجا فرد من افراد الشعر لا نفس الشعر ، وانما الشعر موجود في الذهن فانه الصورة الخاصة والكيفية المعينة لطبيعي الألفاظ. وعليه ، فإذا جاء المتكلم بتلك الألفاظ بصورتها الخاصة ، فقد أوجد الشعر بوجود فرد من افراده ، فيقال : انه قرأ الشعر بهذا الاعتبار. نعم شرطه ان يقصد إيجاد الشعر بفرده ، فإذا لم يقصد ذلك بل قصد إلقاء هذا الكلام على أنّه منه لم يعدّ عرفا قارئا للشعر ، بل يعدّ سارقا لشعر غيره.

والقرآن كالشعر ، فانه الألفاظ المعينة المصورة بصورة خاصة ، وتلك الصورة واردة على طبيعي اللفظ أو متحققة في نفس الوحي أو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما يلقيه خارجا من الكلام القرآني يعد فردا من افراد القرآن ، ولذلك يقال : انه قرآن لوجوده به ، فقراءة القرآن عبارة عن إيجاد طبيعي القرآن بفرده بهذا اللحاظ ، فيقال للقارئ انه قرأ القرآن لأنه قرأ ما يعبر عنه بالقرآن لكونه وجودا له لأنه فرده. وعليه ، فليست القراءة من استعمال اللفظ في اللفظ وحكايته عنه فلا يمتنع قصد المعنى معها.

واما ما ذكره المحقق الأصفهاني ، فهو انما يتجه لو أريد من القرآن أو الشعر نفس الكلام الملقى خارجا فيكون الفرد الآخر من المماثل له ، ومعه لا نسلم صدق القراءة على إيجاد المماثل بعنوان انه مماثل فقط ، إذ إيجاد المماثل لا يعد عرفا إيجاد المماثلة كي يقال انه قرأ الشعر أو القرآن ، بل يقال انه أوجد ما يماثل شعر فلان أو ما يماثل القرآن. نعم انّما يكون إيجادا له ويعد عرفا كذلك لو قصد الحكاية عنه والكشف بالمماثل ، ولكنه بذلك يعود المحذور.

وبالجملة : فما ذكره المحقق الأصفهاني لا يمكننا التسليم به بسهولة ، إذ قراءة الشعر انما تكون بأحد نحوين : اما إيجاد اللفظ بقصد الحكاية عن الشعر ، فيقال انه قرأ الشعر. واما إيجاد فرد للشعر ، فيقال عن الموجد انه شعر فلان وعلى

۵۲۸۱