التكلم معان كثيرة.
الثاني : انه يلزم ان لا تكون هذه المعاني بطونا للقرآن ، إذ هي بذلك تكون أجنبية عنه.
وهذان الأمران يخالفان مقتضى الروايات الواردة في مقام بيان عظمة القرآن بذلك ، وان هذه المعاني معاني القرآن وبطونه لا انها أجنبية عنه. ثم ذكر بعض الروايات الناطقة بذلك ، وبعد ذلك رجح الثاني وادعى ظهور الروايات الكثيرة فيه (١).
ونحن ان لاحظنا أصل المطلب من وجود البطون للقرآن وأغمضنا النّظر عن ما يكشف المطلب من نصوص ، فان التحقيق في نحو دلالتها يحتاج إلى بحث مفصل طويل ، نرى ان الكفّة الراجحة في جانب الاحتمال الأول لا الثاني ، إذ لا عظمة للقرآن بوجود لوازم لمعناه المقصود خفية عن أذهان الناس لا تصل إليها عقولهم وإدراكاتهم ، فانه لا يتصف بذلك بالعظمة وشرف المنزلة كما لا يخفى. اما كون الجمل القرآنية قابلة في نفسها للتطبيق على معان متعددة مرادة في نفسها ودالة في حد ذاتها على عدد كبير من المعاني وان أريد منها معنى واحد لا الجميع ، بحيث يمكن للفكر الدّقيق الثاقب ان يصل إلى بعض تلك المعاني بالتأمل والتعمق في آيات الكتاب ، فهو من عظمة القرآن والتركيب الكلامي لجمله ، إذ قلّ من الجمل العرفية ما يمكن تطبيقه على متعدد من المعاني ، فإيراد تركيب قابل للتطبيق على عدد كبير من المعاني وفرض ورود تلك المعاني في نفس المتكلم والتفاته إليها وتحرّيه في إيراد ما يمكن تطبيقه عليها من التراكيب الكلامية دليل على عظمة ذلك المتكلم وسعة أفق تفكيره في الاطلاع على دقائق الألفاظ ومعانيها.
__________________
(١) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ١ ـ ٢١٣ ـ الطبعة الأولى.