هذا هو محل النزاع ، فقد اختلف في إمكانه وامتناعه. وظاهر صاحب الكفاية هو ابتناء الإمكان والامتناع على حقيقة الاستعمال (١) ، فان كان الاستعمال جعل اللفظ علامة للمعنى كان الاستعمال في أكثر من معنى ممكنا ، إذ لا يمتنع ان يكون الشيء الواحد علامة وكاشفا عن أمرين مع كونه ملحوظا بلحاظ واحد ، كما هو شأن العلامة ، فانه من الظاهر إمكان نصب العلم لغرض بيان جهتين كرأس الفرسخ وأرض بني فلان. وان كان الاستعمال إفناء اللفظ في المعنى بجعله مرآة ووجها له بحيث يكون كأنه هو الملقى رأسا كان الاستعمال في المتعدد ممتنعا ، وذلك لأن الاستعمال إذا كان كذلك استدعى ان يلحظ اللفظ آلة وطريقا إلى المعنى لفنائه فيه فناء الوجه في ذي الوجه. وعليه فاستعماله في معنيين يستلزم إفناءه مرتين ، وهو يقتضي ان يلحظ بلحاظين آليين وهو ممتنع لاستحالة اجتماع المثلين في شيء واحد في آن واحد ـ كما تحقق في محله ـ ، ولامتناع ان يعرض الوجود على الموجود بما هو كذلك ، فيمتنع ان يتعلق اللحاظ بما هو ملحوظ ، إذ الموجود لا يوجد ثانيا بوجود آخر ، كما لا يخفى ، ولا يتأتى هذا الكلام بناء على كون الاستعمال جعل اللفظ علامة ، إذ لا يستلزم لحاظ اللفظ آلة ، بل يمكن تعلق اللحاظ الاستقلالي به ويقصد به تفهيم معنيين كما هو واضح.
إلاّ انه قد ذكر لاستعمال اللفظ في أكثر من معنى ، بناء على كونه جعل اللفظ علامة ، محذور.
وتقريبه ـ كما جاء في حاشية المحقق الأصفهاني (٢) ـ : ان جعل اللفظ علامة للمعنى معناه انه سبب لحصول العلم والانتقال إلى المعنى ، فهو سبب
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٦ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
(٢) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٦٣ ـ الطبعة الأولى.