ما تقرر أولا من ان الشارع في باب المعاملات جرى مجرى العرف وليس له استقلال في الوضع والجعل.

وبيان ما ذكره من الدفع : هو ان اختلاف الشرع والعرف في صحة العقد لا يرجع إلى الاختلاف في أصل الموضوع له ومفهومه ، بل يرجع إلى الاختلاف في مصداق الصحيح وتخطئة الشرع العرف في اعتباره الفرد مصداقا للصحيح لمعرفته بدقائق الأمور واطلاعه الأوسع على خصوصيات الأشياء ، فمفهوم الصحيح لدى كل من الشرع والعرف واحد وهو العقد المؤثر ، لكن اختلافهما في المصداق وان أيّ العقود هو المؤثر ، فالعرف باعتبار عدم معرفته بدقائق الأمور يبني على تأثير عقد ، ولكن الشرع بما انه مطلع على الدقائق يرى عدم قابلية العقد للتأثير فيخطئ العرف في ذلك. نظير ما يفرض ان اللفظ المخصوص موضوع للدواء المسهل ، فيرى بعض الأطباء ان التركيب الخاصّ مسهل ، ولكن طبيبا آخر أوسع علما يرى عدم تأثيره في الإسهال لبعض الخصوصيات التي اطلع عليها فيه دون الطبيب الأول ، فان ذلك لا يعدو أن يكون اختلافا في المصداق ومن باب تخطئة الثاني للأول دون ان يكون اختلافا في المفهوم بل هما متفقان على وحدة المفهوم.

هذا مجمل ما ذكره في الكفاية (١) ، وقد أوضحنا الجهة الأخيرة في كلامه.

ولا بد في تحقيق الحال من الكلام في كل جهة من جهات كلامه وبيان ما لا بد ان يذكر فيها.

اما ما ذكر قدس‌سره من : عدم جريان النزاع لو التزم بوضع الألفاظ للمسببات وجريانه لو التزم بوضعها للأسباب. فتوضيحه يتوقف على بيان المراد من السبب والمسبب ، وبيان ذلك : ان في كل معاملة يحصل أمران :

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٢ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۵۲۸۱