مما ينتهي إليها المجتهد في مقام العمل والتطبيق (١).
ولكن الإنصاف انه لا يستلزم كلا من المحذورين.
اما المحذور الثاني : فحاصل المناقشة فيه انه يلتزم بإضافة القيد المذكور. وخروج الأمارات عن الذيل بذلك ليس بمحذور ، لأنه انما يكون محذورا لو فسر الاستنباط بإحراز الحكم الشرعي واستخراجه بحيث لا يشمل تحصيل الحجة عليه. إذ بذلك تخرج الأمارات عن صدر التعريف أيضا ، لأن المجعول فيها ـ كما عرفت ـ اما المنجزية والمعذرية أو الحكم المماثل ، وهي بكلا الوجهين لا تقع في طريق استنباط الأحكام ـ كما تقدم تقريبه ـ ، فيلزم من ذلك خروج مسائل الأمارات عن علم الأصول بالمرة.
اما لو التزم بان المراد بالاستنباط المعنى الأعم ، وهو تحصيل الحجة على الواقع ، فمسائل الأمارات تدخل في الأصول بصدر التعريف ـ كما أشرنا إليه سابقا ـ ، فخروجها عن الذيل لا محذور فيه ، إذ المحذور المتخيل هو خروجها بذلك عن علم الأصول ، وهو غير تام لشمول الصدر لها ، فتكون من مسائل علم الأصول.
وبالجملة : فالإشكال المذكور يبتني على جعل نظر المحقق الخراسانيّ إلى ما وجهت به عبارته أولا ، وقد عرفت عدم التسليم به والمناقشة فيه.
وأما المحذور الأول : فهو يرتفع بتصور غرض خارجي جامع بين الغرضين ، ويترتب على جميع مسائل علم الأصول. وذلك الغرض هو ارتفاع التردد والتحير الحاصل للمكلف من احتمال الحكم.
توضيح ذلك : ان المكلف إذا التفت إلى شيء بلحاظ حكمه ، فقد يحتمل وجوبه أو يحتمل حرمته ، ومن هذا الاحتمال ينشأ في نفسه التردد والعجز بالنسبة
__________________
(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ١٢ ـ الطبعة الأولى.