ولكن يبعد ان يكون نظره ذلك ، لما عرفت من وضوح وهن جريان أصالة الحقيقة في إثبات كون الاستعمال حقيقيا ، فيبعد ان يستدل بهذا الطريق أحد ، وذلك مما لا يخفى عليه قدسسره. مضافا إلى انه أهمل الإشكال فيه بما هو واضح ، وما تكرر منه مرارا من ان الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز وان أصالة الحقيقة انما تجري مع الشك في المراد لا مع العلم به والشك في كيفيته ، مع أنه أولى بالذكر.
والّذي يخطر في البال في تقريب الدليل هو : ان من المعلوم كون التقسيم بلحاظ ما للصلاة من معنى ، ولا يخفى انّه لا يرى في استعمال لفظ الصلاة في المثال المزبور أي تجوز وعناية ، فهو دليل على انّ معنى الصلاة هو الأعم وقد وضع له اللفظ ، وإلاّ لكان استعمال اللفظ فيه عنائيا وهو خلاف الفرض. ولا يخفى ان هذا أجنبي عن التمسك بأصالة الحقيقة ، كما انه لا يعرف لعبارة الكفاية وجه يتلاءم ـ في مقام الإشكال ـ مع هذا التقريب فتدبر.
الرابع : استعمال الصلاة وغيرها في الأخبار في الأعم ، فقد جاء في الخبر : « بني الإسلام على خمس : الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية ، ولم يناد أحد بشيء كما نودي بالولاية فأخذ الناس بالأربع وتركوا هذه. فلو ان أحدا صام نهاره وقام ليله ومات بغير ولاية لم يقبل له صوم ولا صلاة » (١). ومركز الاستشهاد موردان :
الأول : قوله عليهالسلام : « بالأربع » ، فانه ناظر إلى الأربع المذكورة في صدر الحديث ، ولا يخفى انه بقرينة ترك الولاية يعلم ان المراد ليس الصحيح ، إذ لا صحة بدون الولاية ، فكان يلزم ان يقال لم يأخذ الناس بشيء منها ، بل المراد منها الأعم.
__________________
(١) الكافي ٢ ـ ١٨ باب : دعائم الإسلام ، حديث : ٣.