تام في المركبات الحقيقة ولا مناص عنه ، واما المركبات الاعتبارية التي تتركب من امرين مختلفين أو أزيد وليس بين الجزءين جهة اتحاد حقيقة ولا افتقار ولا ارتباط ، بل ان كل واحد منهما موجود مستقل على حياله ومباين للآخر في التحصل والفعلية ، والوحدة العارضة عليهما اعتبارية لاستحالة التركب الحقيقي بين امرين أو أمور متحصلة بالفعل ، فلا يتم فيها ما أفاده قدسسره ، ولا مانع من كون شيء واحد داخلا فيها عند وجوده وخارجا عنها عند عدمه.
وقد مثلنا لذلك في الدورة السابقة بلفظ ال « دار » ، فانه موضوع لمعنى مركب ، وهو ما اشتمل على حيطان وساحة وغرفة ، وهي أجزاؤها الرئيسية ، ومقومة لصدق عنوانها ، فحينئذ ان كان لها سرداب أو بئر أو حوض أو نحو ذلك فهو من اجزائها وداخلة في مسمى لفظها وإلاّ فلا.
وبالجملة : فقد لاحظ الواضع في مقام تسمية لفظ الدار معنى مركبا من اجزاء معينة خاصة ، وهي الحيطان والساحة والغرفة ، فهي أركانها ولم يلحظ فيها موادا معينة وشكلا خاصا من الإشكال الهندسية ، واما بالإضافة إلى الزائد عنها فهي مأخوذة لا بشرط ، بمعنى ان الزائد على تقدير وجوده داخل في المسمى ، وعلى تقدير عدمه خارج عنه ، فالموضوع له معنى وسيع يصدق على القليل والكثير والزائد والناقص على نسق واحد ...
وبتعبير آخر : ان المركبات الاعتبارية على نحوين : أحدهما : ما لوحظ فيه كثرة معينة من جانب القلة والكثرة ، وله حد خاص من الطرفين كالأعداد ، فان الخمسة ـ مثلا ـ مركبة من أعداد معينة بحيث لو زاد عليها واحد أو نقص بطل الصدق لا محالة. وثانيهما : ما لوحظ فيه اجزاء معينة من جانب القلة فقط وله حد خاص من هذا الطرف ، واما من جانب الكثرة ودخول الزائد فقد أخذ لا بشرط ، وذلك مثل الكلمة والكلام والدار وأمثال ذلك ، فان فيها ما أخذ مقوما للمركب ، وما أخذ المركب بالإضافة إليه لا بشرط ، ومن الظاهر ان اعتبار